لا يتعرض فيه لنقد ناقد أو تهكم متهكم. وقد هاجم لورنس العادة السرية بكل ما فيه من قوة لأنها في نظره سرطان المدنية الحديثة وداؤها العضال، فهي التي قتلت في الإنسان الحديث حيويته وتركته رجلاً وما هو برجل؛ فضلاً عن أننا نلمس في مرتكبها ثوب العار والمذلة الذي لا يخلعه عنه قط. وإنا لنلمس أثر العادة السرية في كتابات العصر الحديث، فكما أنه في العادة السرية ليس هناك شخص وموضوع بل هما واحد، كذلك في كتابات هذا العصر نرى أن موضوع الكتابة والكاتب هما شيء واحد، بمعنى أن الكاتب يعمد إلى شخصيته أو نفسه فيحللها تحليلاً دقيقاً ويبني على هذا التحليل كتابه. ومن أمثال هذه الكتب كتاب (يوليسيس) لجيمس جويس
وقد تنبه الناس في العصر الحالي إلى الضرر البليغ الذي ينجم عن إحاطة العلاقة الجنسية بجو من الغموض والإبهام، وأدركوا عظم الهاوية التي قد يجرفهم إليها تيار هذا الغموض، ولكنهم للأسف نجحوا في تشخيص المرض ثم عجزوا عن وصف الدواء. ففي محاولاتهم لقتل هذا الغموض قتلوا الجنس نفسه وأعدموا الرغبة الجنسية. فظهرت كتب عديدة تحاول أن توضح كل شيء في العلاقة الجنسية فكان من جراء ذلك أن زالت عنها كل قدسية، ومن أمثال هذه كتب ماري ستوبس وذهب فريق ثان إلى التغلب على هذا الغموض بأن انغمس في هذه العلاقة وأسرف فيها، وهؤلاء هم البوهيميون الذين كان من جراء تغاليهم في هذه العلاقة أن عرفوا كل شيء عنها، غير مدركين أن العلاقة الجنسية هي ينبوع مقدس يتفجر منه الماء بقوة إلهية، حتى إذا ما حاول الإنسان أن يكشف السر عن هذه القوة توقف تفجر ماء الينبوع ثم جف
فغرض لورنس الذي يرمي إليه هو أن يعالج الكتَّاب هذا الموضوع في شيء من الصراحة التي لا تحلل كل شيء بطريقة علمية حتى لا تفقد هذه العلاقة قدسيتها. وكذلك يريد لورنس أن يعلم الناس أن هذه العلاقة شيء مقدس لا خزي فيها ولا عار؛ فهو يريد أن يرفع من شأنها ويهيب بالناس أن يقدسوها التقديس اللائق بها، وفوق ذلك يريد لورنس أن يقول الإنسان ما يعتقد دون خفاء أو مواربة
ولورنس يكتب الآن لأقلية من القراء المفكرين واسعي العقول إلا أن الوقت سوف يأتي عندما يؤمن الناس به جميعاً ويدافعون عن آرائه ومبادئه ويعملون بما يبشر به، وهم إن