للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أن الكون لا تقوم له قائمة من غير الجنس والعلاقة الجنسية، وهم يعرفون تماماً أن هذه العلاقة كانت وما زالت وسوف تكون أساس الحياة في هذا العالم، وأننا لا نستغني قط عما يثير فينا الرغبة الجنسية، وإلا أنهار الكون وتقوض بناؤه. وفوق ذلك فهم يعتبرون بعض القصائد الشعرية واللوحات الفنية والقطع الموسيقية والروايات والقصص من روائع الفن أو الأدب، وهي كلها تعتمد على الجنس وقوامها إثارة الرغبة الجنسية. ومع كل هذا فما زال الاعتقاد سائداً بينهم أن الكلام في هذا الموضوع هو من المحرمات التي لا يجوز الخوض فيها. وهم يقصدون بالكلام في هذا الموضوع الكلام الجهري فقط، إذ أنهم لا يأنفون من خوض غمار هذا الموضوع ما دام التستر رائدهم وما داموا بعيدين عن أعين النقاد

والحقيقة التي لا شك فيها أنه ليس هناك أي ضرر من معالجة الكتب لموضوع العلاقة الجنسية، ما دامت لا تقصد من ذلك سوى منفعة الفرد وخدمته، عن طريق تنوير ذهنه وإرشاده إلى طريق الحياة السوي الصحيح. وأما ما يجب محاربته بشدة فهو تلك الكتب التي تنشر سراً بين الناس انتشار الأمراض الخبيثة، والتي تدلس العلاقة الجنسية وتسيء إليها كل الإساءة، والتي لا يبغي أصحابها من ورائها سوى منفعتهم المادية الشخصية. وإن سبب انتشار أمثال هذه الكتب انتشاراً ذريعاً وإقبال الناس على اقتنائها وتلهفهم على قراءتها هو ذلك الجو الغامض الذي أحاطه الناس جيلاً بعد جيل بالعلاقة الجنسية. فحب الاستطلاع الذي لا يخلو منه فرد هو الذي يدفع الولد والشاب والكهل إلى أن يختلي بكتاب من هذا النوع علَّه يقف منه على ما حرم من سماعه طيلة حياته. وإن انتشار هذه الكتب لهو أشد ضرراً وأسوأ عاقبة من قراءة الكتب الصريحة، وشتان بين الأثر الذي تتركه أمثال هذه الكتب، وبين الأثر الذي تتركه قصص بوكاتشيو مثلاً، مع أن الناس اعتادوا وضعها في مرتبة واحدة.

ولكن الغريزة الجنسية التي لا غنى للناس عنها تتطلب من الفرد تنفيساً عن رغباتها. فإذا ما جلب له هذا التنفيس الخزي والعار بين قوم لا يميزون بين الغث والسمين، عمد إلى وسيلة أخرى ينفس بها عن رغباته دون أن يعرف الناس عنه شيئاً. وليس لديه ما هو أقرب منالاً من العادة السرية يرتكبها ويسرف في ارتكابها، لأنها طريقه الآمن الوحيد الذي

<<  <  ج:
ص:  >  >>