شيبوب! يا أخي وزميلي في الحروب! لنتعانق دون ضعف أو أسف لا يجدي ولا ينفع، وعيون جامدة لا تعرف أن تدمع
(ثم يطيع شيبوب إشارة عنترة وهو يكظم زفراته ويذهب)
سأموت الآن بغير شهود ونعم ما فعلت. أنني أستطيع الآن أن اعبر آلامي ويتسنى لعيني أن تبكيا دون أن تسيل عبرات الآخرين. لقد خارت قوي ولكني ضاعفت قواكم ولن يرى أحد منكم ضعفيوآلامي. (ثم يخترق شعاع من الشمس المشرقة سحب الضباب المربد وينير وجه عنترة)
والشمس لا تفترق عنا إذ تولد ثم يراها الناس وهي تموت. أيتها الشمس اذهبي إلى ذوي وانضمي إلى موكبهم وقولي لهم بأني أحميهم في الحياة والممات. الوداع يا أمان الحب والمستقبل الزاهر أواه! أنني اشعر أن البرد يغير علي شيأ فشيأ وقد اضطربت عيناي، ماذا دهاني! هل هذه وطأتك أيها الموت! مهلا مهلا! فاني أنا الذي أهاجمك واشد عليك دون وجل. لامتط الجواد والريح في يدي كما كنت من قبل! سأجبرك أن تخضع لامري وسيقود ذراعي سيرك الأعمى الأحمق
(ثم يعلو جواده وهو في الرمق الأخير) والآن تفتح روحي جناحيك فطر وحلق. يخيل إلى أني أنام نوما هادئا وأرى سربا من الطير آتيا من الشرق!. . . يقترب مني ويحيط بي ثم يذهب ويعود. ولكنه حياتي بأجمعها التي تضمني كأكفان نسجتها الأيام التي عشتها. أيام الأمل والحب والحرب، أن الماضي يعرض أمامي وأرى أول الكفن: أي أيام الطفولة! إن خيوطك لمن خز وعسجد وانت وحدك اللامعة الزاهية! إننا ننسج بأيدينا أكفاننا، وهذا كفني يطويه الموت بإصبعه! وهو يدفنني في طيات حياتي!. . . لا تتحرك يا عنترة. . . بجب ان يراك العدو حينما يقبل مستعدا للكفاح. . .
(ثم يسلم النفس الأخير ويميل رأسه ويبقى جسمه منتصبا معتدلا مستندا ذات اليمين إلى رمحه وذات اليسار إلى الصخور القائمة وفي هذه الآونة يأتي الرجال شاهرين رماحهم وسيوفهم وعلى رأسهم عمارة بن زياد فيلمح على حين غفلة عنترة وقد أضاء وجهه شعاع الشمس المشرقة فلمع سلاحه وهو راكب جواده)