لما نتج عن هذا الخطأ إزهاق روح بشرية صار إثماً ووجب عقاب فاعله على رعونته وإهماله)
والذي يؤخذ على العبارة السابقة تحميل القاتل خطأ إثماً، وقد أتى الكاتب في هذا من قبل ما رتَّب على قتل الخطأ من الكفارة والدية فظن أن ذلك نتيجة أنه فعل إثماً وحراماً، والواقع أن ما يرتكبه الإنسان من خطأ وعدم قصد لا إثم عليه ولا يؤاخذ به: حكماً مطلقاً لا مثنوية فيه، أصفق عليه علماء الملة، واجتمعت عليه كلمتهم، وقد دل هذا الأصل من أصول الدين أدلة كثيرة ومنها قوله صلى الله عليه وسلم:(إن الله تعالى وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) رواه ابن ماجة في كتاب الطلاق وغيره. قال المُناوي في شأن هذا الحديث:(حديث جليل ينبغي أن يعد نصف الإسلام؛ لأن الفعل إما أن يصدر عن قصد واختيار، أولاً. الثاني ما يقع عن خطأ أو إكراه أو نسيان وهذا القسم معفوَّ عنه اتفاقاً) فإن قال قائل: فما بل هذا القاتل ولا إثم عليه يكلَّف التكفير عن عمله ودفع الدية؟ فالجواب أن دفع الدية عن القتل من قبيل دفع قيم المتلفات أو من قبيل دفع بدل المحل أي محل الإتلاف وهو البدن وهذا لا يتوقف على الإثم. ألا ترى أن الصبيّ لو أتلف شيئاً غرم قيمته وهو لم يجر عليه القلم بعد. وأما الكفَّارة فللزجر وليحتاط المكلف حتى لا يقع في قتل الخطأ بتوقي ما قد يجر إليه. ويقول صاحب شرح مسلم الثبوت في ص١٦٥ ج١:(ولما كان - يريد قتل الخطأ - نوع جناية، والقتل من أعظم الكبائر لم يُهدر الخطأ فيه بل وجبت الكفارة)
بقي أن في آخر الآية الكريمة الخاصة بقتل الخطأ ما يشعر ظاهره بأنه إثم إذ فيها:(توبة من الله وكان الله عليماً حكيماً) والتوبة إنما تكون عن ذنب، وقد عرض لذلك المفسرون وقالوا فيما أجابوا به إن التعبير بهذا للتنبيه أن مثل هذا الفعل يصدر عن نوع من التقصير وإن لم يبلغ بصاحبه درجة المعصية، وقد شرعت الكفارة لمحو أثر هذا التقصير والتوبة منه، وللتلميح بأن من وقع منه هذا الفعل الشنيع ينبغي له أن يستشعر الندم والأسف ويملأ نفسه إعظاماً لما فعل، والسلام عليكم ورحمة الله