ليست صلتي بك ولا شدة حبي لأدبك ولا رغبتي في تملقك هي التي تملي عليَّ كلمتي هذه؛ وإنما هو صوت القلب والحقيقة يدفعني إلى مصارحتك بأن فصولك الرائعة (جناية أحمد أمين على الأدب العربي) قد أوجدت بالجو الأدبي حياة جديدة، وبعثت فيه روحاً قوية بعد شهور خدر ونعاس مرت بالأدب المصري خاصة والعربي عامة، خلنا أثناءها أن أدبنا العزيز قد أخذ طريقه نحو الأجداث!
ولا تظن يا (سيدي الدكتور) - أو لا يظن أحد - أنني أعبر عن معاداتي لآراء الأستاذ أحمد أمين، أو أريد الحملة عليه أو النيل من مكانته المعروفة في العلم والأدب؛ فقد تذكر أنني في آخر رسالة مني إليك - ولم يمض عليها أسبوع - صرحت لك بأنني أخالفك في كثير من آرائك، وأنني أحب الأستاذ الأمين كما أحبك، وأنني كتبت إليه أستعديه عليك واستنفره إلى محاربتك بقلمه لا بسلاحه، وأطالبه بما يجب عليه نحو الأدب والقراء من الرد على ما وجهتَه إليه من انتقادات وملاحظات؛ وما أريد بذلك إلا أن تتسع دائرة النقاش والمباحثة فيستفيد الأدب خير الفوائد، وتجني العربية أشهى الثمار
ولقد طلعت علينا أخيراً - الرسالة ٣٢٧ - بطرفة من أسمارك وأحاديثك وأدهشتنا إذ أخبرتنا أنك ستقطع سلسلة فصولك النقدية المحكمة بعد ثلاث أو أربع مقالات. .!
ولِمَ تقطعها يا سيدي وما كتبتَها إلا خالصة لوجه الأدب والعربية؟ ألأنك أردت أن تخيب ظن الأستاذ أحمد أمين تحرم آلاف القراء وأهل الأدب من هذه الثمرات الناضجات التي أنتظر لها أن تصير كتاباً ضخماً يكون فتحاً جديداً في الأدب العربي الذي لم يعرف النقد الصحيح إلا في فترات معدودات لا تسمن ولا تغني؟
لا تفعل، يا سيدي، فإني أخاف أن يفسر الناس انقطاعك بتفسيرات، وأن يؤولوه بتأويلات، وأن ينفض عنك بسببه أتباع وأنصار. إن لي بالأستاذ الأمين صلة، وقد اشترك في تسديد خطاي الأدبية يوماً، وإني لأحمل له كل تقرير وإجلال، ولكني على الرغم من ذلك لم أستطع إلا توجيه العتاب الشديد إليه ولومه اللوم القاسي على قوله لك: (لن نتصافى أبداً