إنها لكلمة كبيرة ما كنت أنتظرها ولا ينتظرها غيري من كاتب مشهور له قدره وخطره، وخلقه ونبالته!
أين نحن إذن من أدباء أوربا وكتابها؟ أين منا تلك الصداقة المتينة التي تضم الأدباء هناك تحت لوائها، لا يزعزعها اختلاف في رأي، أو تنازع على فكرة، أو نزول إلى ميدان نقد ومباحثة؟
إني لأقول كما قال الحكيم:(أنا والله شديد الحسرة على ما وصلنا إليه، فقد كنت أحب أن تكون بين الأدباء صداقات عظيمة، كالذي يعرفه الأدباء العظماء في باريس ولندن وبرلين)
أحد أمرين: إما أن تكون مقالات الدكتور مبارك على حق وإما أن تكون على باطل. والأستاذ (الأمين) في كلتا الحالتين معاتب ملوم؛ لأنه يجب عليه الرضى بها إن كانت الأولى، ويجب أن يهب للدفاع عن نفسه وآرائه إن كانت الثانية، وهو لم يفعل من ذلك شيئاً. وليس الدكتور مبارك بالشخصية الأدبية الهزيلة، حتى نقول إن الأستاذ الأمين تغافل عنها لقلة خطرها. ومن كالدكتور في جولاته وصولاته وتاريخه الأدبي المجيد؟
أي صديقي الدكتور. . . قد انتهى لغو الصيف وجاء جد الشتاء، فلا تكسل ولاتنم، وواصل بحوثك فإنها تهدينا إلى حقائق كثيرة كنا في غفلة عنها، وتطلعنا على آفاق جديدة من الأفكار والأبحاث لم نرها من قبل. على أنني أرجو أن تتحاشى ما يسبق إليه قلمك من عبارات تنال من شخصية الأستاذ الأمين وتجرح شعوره، كيلا يكون لأحد من الناس فيك وفي نقدك كلمة غير كلمة الإعجاب والتأييد. وما أصدق الأستاذ العميد شفيق غربال إذ يقول عنك:(ولو أنه نزه قلمه عن بعض العبارات التي جرت مجرى السخرية من الأستاذ أحمد أمين لما استطاع أحد أن يوجه إليه أي ملام) يجب أن تكون عند قول الدكتور طه حسين فيك إذ يقول: (فما عرف الناس زكياً إلا مثال اللطف والأدب والذوق)
نعم لو أن فصولك خلت من هذه العبارات الساخرة لما اعتبرها القارئ نقداً لكاتب، بل يدرسها على أنها فصول أدبيه بحتة، كلها الأدب الخصب، والتفكير الخالص، والإنتاج الممتع!
لنجعل الأدب يا دكتور فوق الأهواء وفوق الأشخاص وفوق الصداقات وفوق كل شيء،