للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

على أن العرب تنبهوا من وقت مبكر إلى تحليل المعاني وتشريح الأغراض

وما رأيك في أبي حيان التوحيدي؟

ألا ترى أن أعماله في القرن الرابع تذكر بأعمال الجاحظ في القرن الثالث؟

كان الجاحظ ينطق العلماء والفقهاء والأدباء، وكذلك كان التوحيدي ينطق من عاصروه بألوان كثيرة من صور الفكر والبيان

ومن المؤكد أن التوحيدي أكتب من ابن خلدون وأسبق إلى تشريح الآراء والأهواء

ومن المؤكد أيضاً أن التوحيدي لا يقل عن أعظم كاتب عرفته اللغات الأجنبية، وشمائله في الأسمار تذكر بشمائل أناطول فرانس

وهل يذكر الدكتور رسالة الطير والحيوان بين رسائل إخوان الصفاء؟

لقد دلنا ابن أبي الحديد على واضع (حديث السقيفة) فمتى نعرف الكاتب المجهول الذي وضع (مشاورات المهدي لأهل بيته)؟ ومتى نعرف الكاتب المجهول الذي وضع (رسالة الطير والحيوان)؟

قد نتعزى حين نيأس من معرفة المهندس الذي وضع تصميم الأهرام، والمهندس الذي وضع تصميم إيوان كسرى والمهندس الذي وضع تصميم قصر الحمراء، ولكنا لن نتعزى أبداً عن اليأس من معرفة الكاتب الذي وضع (رسالة الطير والحيوان) لأنه عندنا أعظم كاتب عرفته الآداب العالمية بعد أفلاطون

هل يذكر الدكتور ما قال يوم لقيته في جريدة كوكب الشرق؟

لقد صارحني الدكتور طه حسين بأن الفصل الذي حللت به رسالة الطير والحيوان في كتاب النثر الفني غير كاف، وقد أجبت بأنه فصل من كتاب، وتحليل هذه الرسالة يحتاج إلى كتاب خاص

فكيف يقال إن اللغة العربية لم ينبغ فيها كاتب غير ابن خلدون وفيها (إخوان الصفاء) الذين سجلوا معارف زمانهم أعظم تسجيل؟

لقد أشرت من قبل إلى الميزة الخلقية التي امتاز بها أولئك القوم، وهي نكران الذات، وإلا فمن الذي يصدق من أهل عصرنا أن جماعة من أهل البصرة أو غير أهل البصرة يخفون هوياتهم عن أعين التاريخ مع تلك القدرة الباهرة على تشريح الحقائق والأباطيل؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>