وما رأيك في الكتاب الذين عرفتهم اللغة العربية بعد ذلك؟
هل يستطيع إنسان أن يقدم ابن خلدون على الجاحظ إلا وهو محروم من نعمة الفهم والذوق؟
إن الجاحظ كاد يستوعب جميع المعارف في عصره، وكاد ينطق جميع الأحياء والأموات بما عرفوا وأحسوا من دقائق الأشياء. والذي يقرأ رسائل الجاحظ ومؤلفاته يشهد المعارك والمصاولات بين أصحاب المذاهب والآراء، ويرى كيف تصطرع الطبائع والنحائز والخصال
فهل يحوز القول بأن اللغة التي عرفت أدب الجاحظ ليس فيها كاتب غير ابن خلدون؟
وما رأيك في ابن قتيبة؟
هل تذكر مقدمة كتابه (أدب الكاتب)؟
إن (أدب الكاتب) هو في الأغلب دراسات لغوية وصرفية ولكن ما رأيك في مقدمة ذلك الكتاب؟
أليست غاية في التحليل والتشريح؟
وقبل الجاحظ وابن قتيبة عرف الأدب العربي (مشاورات المهدي لأهل بيته) وأذكر أنك حاورتني في صحة هذه المشاورات وصح عندك أنها من الأدب المنحول، وكانت حجتك أنها لم تذكر في غير كتاب العقد الفريد. وقد ضاق وقتي عن تعقب المصادر التي وردت فيها إشارة إلى تلك المحاورات، فهل تظن أنها من بعض ما اخترع كتاب الأندلس؟
المهم، يا سيدي الدكتور، أن نتفق على أنها سبقت القرن الرابع، ولا يهمنا بعد ذلك أن تكون مشرقية أو مغربية، كما لا يهمنا أن تكون من نتاج القرن الثاني أو الثالث، فما يعنينا في هذا المقام إلا أن نتخذها شاهداً على أن من كتاب العرب من أجادوا التحليل والتشريح قبل ابن خلدون بأجيال طوال
ومن المؤكد أن مشاورات المهدي لأهل بيته ليست أول وآخر ما عرف العرب من هذا الطراز، فلها أشباه كثيرة منها (حديث السقيفة) الذي قصه علينا التوحيدي والذي نقده ابن أبي الحديد
ولولا خوف الفتنة لأشرت إلى قصة دينية كثر فيها الحوار والتمثيل، وهي من الشواهد