للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إن ميدان الأدب أوسع من ذلك، فإليه تضاف أعمال المؤلفين في التصوف والأخلاق

إن صح هذا - وهو صحيح - فهل أستطيع أن أعرف رأيك في الغزالي؟

أنا أعتقد أن الغزالي من فحول الكتاب في اللغة العربية، وأومن بأنه من المبتكرين في تحليل النوازع النفسية والقلبية، وفي كتاب (الإحياء) فصول تشهد بأنه من أئمة الفكر والبيان

اقرأ - إن شئت - بعض ما كتب في الرياء تجده أتى بالأعاجيب في التنبيه على المجهول من سرائر النفوس، وتعرف - وأنت تعرف - أنه في بابه أعمق من ابن خلدون وأقدر على التحليل والتشريح

قلت في محادثة قريبة بأنه لا يسرك أن تراني أعتدي على الناس.

لقد ذهب الناس، يا سيدي الدكتور!

أليس من المحزن أن يحتاج الأدب العربي إلى من يحميه من غطرسة بعض الأساتذة بكلية الآداب؟

إن الأستاذ الذي لم يعرف في اللغة العربية كاتباً غير ابن خلدون لم يطلع أبداً على كتاب الفتوحات المكية، فلو أنه كان اطلع على ذلك الكتاب لعرف أن عندنا كاتباً فحلاً هو ابن عربي الذي طوف بآفاق يجهلها أكثر الأدباء في هذا الجيل

وهو أيضاً لم يطلع على مؤلفات الشعراني الذي صور المجتمع المصري في القرن العاشر تصويراً نعجز عن مثله اليوم، وأكاد أجزم بأن الصحف المصرية على اختلاف ألوانها ونزعاتها لا تعطي من صور مصر في العصر الحاضر ما أعطته مؤلفات الشعراني من صور مصر في القرن العاشر

وما كان الغزالي ولا ابن عربي ولا الشعراني إلا تلاميذ لأساتذة مجهولين وضعوا الأساس لحياة الفكر والتأليف في مختلف الأقطار العربية والإسلامية

هل تذكر المقريزي، يا دكتور؟

أنظر خطط المقريزي، وتذكر العصر الذي عاش فيه المؤلف ثم وازن بينه وبين أي باحث من نوعه عاش في الأقطار الأوربية، فإن فعلت فسترى أن أسلافنا كانوا من أئمة الابتكار والابتداع

<<  <  ج:
ص:  >  >>