ثم إن أكبر فتية الكهف هو مكسلمينا. والأجدر بالمؤلف اتخاذه بدلا من مرنوش. كما أن أجملهم وأجلدهم تمليخا فلا محل لإطلاق اسمه على الراعي وحسب الراعي أن يدعى راعيا
كذلك لا نستسيغ تسمية الوادي الذي به الكهف في ظاهر المدينة بالرقيم. لأننا أميل إلى قول المفسرين بأن الرقيم إشارة إلى لوح من الحجر أو الرصاص عمد إليه رجلان مؤمنان من بيت الملك، فكتبا فيه شأن الفتية ورقما أسماءهم وأنسابهم، وأودعاه في تابوت من نحاس مختوم بخاتم من فضة، وجعلاه على باب الكهف
وأما المدينة التي كانت مسرحا لوقائع القصة فليست طرطوس كما استحسن المؤلف استنادا إلى قول في البيضاوي بل هي مدينة كما ذكر ذلك البيضاوي نفسه وعليها أجمع المؤرخون والمفسرون من المسلمين ورجال الدين من النصارى، ولا عبرة بوهم واهم من المفسرين زعم (أن مدينة أفسوس هي طرطوس وكان اسمها في الجاهلية أفسوس فلما جاء الإسلام سموها طرطوس) فقد ساقه إلى هذا الخلط جهله بتلك المدينة الداثرة إطلاقا، واقتصار علمه على طرطوس التي فتحها العرب، ولقد عمد في حيرته إلى قطع العقدة بدلا من حلها، فقطع بأن المدينتين واحدة، وشتان مابينهما في موقعها الجغرافي وماضيهما التاريخي
ومدينة أفسوس قديمة، وبها للمشركين هيكل لإحدى آلهتهم أرتميس (أو ديانا وحرم لتمثالها المقدس. وهذه الربة هي الأم العذراء للحياة والانتاج. وكان لأهل المدينة ولع بعلوم السحر والكهانة حتى بعد انتشار النصرانية فيها. وقد اشتهرت بأوليائها وشهدائها. وقد زعم القوم أن مدينتهم كانت الموطن الأخير لمريم العذراء وأنها دفنت بها، ومع هذا فأن اعتقادهم في أرتميس الأم العذراء أيضا لم يزل قائما قويا. وقد كان من حق أفسوس على الأباطرة الرومان أن تكون أول مدينة ينزل بها ولاتهم على آسيا وأن يتقلدوا فيها مقاليد الولاية. وأفسوس معروفة بكثرة ما خلفته من نقودها المضروبة المتنوعة وما على سكتها من بديع النقوش وطوابع الحكام.
وأخيراً يحسن تعيين الملك الذي ابنعث على عهده أهل الكهف وهو إمبراطور الدولة الشرقية المسيحي تاودوسيوس الصغير ٢وحكمه من عام ٤٠٨ إلى عام ٤٥٠ ميلادية.