صحيحة عن استعداد القلعة وشكلها وهذا يستلزم منا أن ندرس عشرات المراجع لنتأكد من صحة ما نصنع
فالآثار التي تركها الأقدمون قد عصفت بكثير من معالمها تقلبات الزمن وتوالي الحروب بين غزو وفتح. هذه القلعة التي نراها في لمحة بصر احتاجت من منشئها إلى عدة سنين استعان فيها بدراسة غيره وخبرة نفسه. فالعبرة في المتاحف أن تكون معروضاتها صورة تاريخية صحيحة وليست بناء يسهل على الناقدين نقضه وإثبات خطئه
نواة صالحة
ويتكون المتحف الحربي الحالي من ثلاثة طوابق. يشغل الطابق السفلي منه وهو (البدروم) مصنع أعد لصب التماثيل، وأعمال النجارة لعمل الخزائن الزجاجية التي تحفظ المعروضات. ويشغل في هذا المصنع فنانون مصريون درسوا الحياة العسكرية فعرفوا دقائق تقاطيع وجه الجندي المصري إذا اشتبك في ساحة القتال أو جلس في ثكنته ينشد التدريب العسكري، ويستعد لطوارئ الزمان
وهم يوجهون اهتمامهم الآن لتسجيل نماذج الجندي المصري الحديث فصبوا أجساماً من (المصيص) دهنوها بالأصباغ، وألبسوها حلل الميدان أو التشريفات. فلا تكاد تراها حتى تشعر بأنك أمام جندي أو ضابط مصري في وقفة عسكرية لا أثر فيها للكلفة. وإني لأضحك من نفسي كلما تذكرت المرة الأولى التي شاهدت فيها هذه التماثيل إذ ما كاد باب الحجرة ينفتح وأرى من فيها حتى رفعت يدي بالتحية ولاسيما عندما وجدت ضابطين واقفين قبالة بعضهما كأنهما يتحادثان
وتعجب أشد العجب إذا عرفت أن هذه النماذج لا تصنع واحداً واحداً بل تصنع بالعشرات؛ فهاهي أجزاء نماذج جديدة لن تلبث حتى ترسل إليك نفس الشعور بالحياة. وتتكون هذه العملية من عدة مراحل، فتصب أولاً أجزاء التماثيل على انفراد فترى الساق وحدها والصدر منفصلاً عن الظهر، ثم الرأس موضوعاً في مكان آخر. ويتناولها الفنان فيكون من هذه الأجزاء المتناثرة المتماثلة وحدة مختلفة بما يسبغه عليها من ألوان، وعلى تقاطيع وجوهها من معجون، يرفع الأنف أو يوسع العينين ويشرف على هذه الحركة الدقيقة الأستاذ محمد نجيب المثال