الخبائث التي تضرنا، وأخذنا ما ينفع وتركنا ما يضر فإننا مسلمون سالمون. وهذا مبدأ تتبعه الكائنات بطبيعتها فتسلم، وعلينا نحن ألا نقاومه بعقولنا وإرادتنا كي ننجو، وإلا فالهلاك لمن أحل لنفسه الخبائث، وحرم عليها الطيبات. . . وقد جاء أيضاً في دين محمد بين آيات القرآن كذلك:(وما أصابكم من خير فمن الله وما أصابكم من شر فمن أنفسكم) ومعنى هذا أننا إذا ألقينا أنفسنا بين يدي الله وأطعنا أمره، وهو يأمرنا بالتزام فطرتنا والخضوع للقوانين الطبيعية التي انتهت بنا اليوم إلى هذا الطور من أطوار الحياة والتي تسير بنا منذ اليوم إلى أطوار وأطوار فإننا إذن مسلمون سالمون، فإذا حدثتنا أنفسنا بغير ذلك فانتكسنا وخيلت لنا الأهواء أن في الرضا شراً أو ضعفاً أو عجزاً وحاولنا أن نكسب لأنفسنا ما يثقل علينا وما لا حق لنا فيه وما ننوء بحمله وما يربكنا تصريفه؛ فإننا عندئذ مضطربون قد وضعنا أنفسنا حيث لا يمكننا أن نظل طويلاً. . . فلا عجب إذا انهزمنا سريعاً
علينا أن نعرف ماذا كنا. . . وماذا نحن. . . وماذا سنكون. . . حتى لا نخطئ الطريق إلى ما نحن صائرون إليه. . . ولنعلم أن فينا اليوم من طبائع الماضي ما لا يصلح للمستقبل. . . وهذا ما علينا أن نقاومه وأن نتخلص منه. . . وقد قيل إننا كنا في الماضي قردة. . فعلينا أن نخلص إذن من أوجه الشبه بيننا وبين القرود. . . وإلا فنحن نعرقل فطرتنا. . .
هذه هي بعض مظاهر الخلود والصلاح الدائم في الإسلام، وهذه هي نهاية النهايات التي وصل إليها محمد تبارك من هداه، فله الحق - على هذا - أن يقول إنه خاتم الأنبياء والمرسلين، لأن أحداً لن يجيء بعده بتلخيص لسر الوجود أعمق من هذا التلخيص ولا أمكن إصابة منه. . وما أدناها حقيقة، وما أبعدها منالاً!. .
فهل يعرف أحد إلام نحن صائرون؟ إننا صائرون إلى حياة خالصة من هذه الأبدان التي يصيبها العطب. . . إننا صائرون إلى لقاء الله، وإن في نفوسنا ما يسير بنا إلى هذا، فعلينا أن نتعرفه وأن ننميه. . .
نفوسنا حشد من الغرائز، فما تشبث منها بالحال الراهنة وأعرض عما هو مقبل من حياة الخلوص كان كما يريد أن يعود بنا إلى حياة القرود. وكان تعطيلاً لإرادة الإنسان القادر -