فوصلوا بهذا الاستكشاف إلى أول حلقة من سلسة الاستكشافات التي انتهت اليوم إلى حفظ المجففات في علب الصفيح
إن سر نجاح الحفظ في تلك العلب هو أن الطعام يمنع فيها عن التعرض للهواء منعاً محكماً. وفائدة منع الطعام عن الهواء ليست بالاستكشاف الحديث فقد وجدت في جزيرة كريت بالبحر الأبيض المتوسط آثار قصر قديم يرجع عهده إلى ١٥٠٠ أو ٢٠٠٠ سنة قبل المسيح ووجد في حجرات باردة تحت أرضه أوان كبيرة من الطين يختزن فيها الطعام ويمنع عن الهواء
ولكن الذكاء والنجاح اللذين ظهرا في حفظ الطعام بعلب الصفيح لم يكونا قبل الحروب النابليونية في فرنسا حتى رأت الحكومة - والحكومات بطيئة دائماً في بذل الأموال للاختراعات المشكوك في نفعها للجماهير - أنه من المجدي بذل جائزة للوسيلة الناجحة في حفظ المأكولات بالتخزين
وكان مبلغ اثني عشر ألف فرنك مبلغاً عظيماً في ذلك العهد من القرن الثامن عشر. وقد تسابق صناع الحلوى وصناع الجعة وأصحاب معامل التقطير بنشاط وجِد علهم يحصلون على هذه الجائزة، وقد نالها بعد اثني عشر أو خمسة عشر عاماً رجل اسمه فرانسوا إيبرت وهو صانع حلوى وقد قضى كل حياته في حل هذه المسألة
وربما كان ما يشاع عن جهود إيبرت هو الذي حمل نابليون ومستشاريه على التفكير في قيمة المشروع الذي يمكن به النجاح في حفظ الطعام، وعلى كل حال فقد عرضت الجائزة واستمر إيبرت يزاول عمله في صبر حتى كان عام ١٨١٠ فتقدم بالدليل على نجاحه ونال الجائزة
وحتى مع حصوله عليها فقد أنفقها كلها على اختراعه مجرباً أساليب أحسن من التي عالجها من قبل، إلى أن مات في فاقة وهو يشكو قلة التشجيع بعد بضع سنين، وذلك على الرغم مما كان يبدو من أن مبلغ الاثنى عشر ألف فرنك مبلغ كبير
ومن حسن حظنا نحن الذين انتفعنا بنجاحه أن الحكومة الفرنسية نشرت له في الوقت الذي عرضت فيه الجائزة كتاباً يوضح على وجه التفصيل تجاريبه ونتائجها، فأمكن بذلك أن نعرف عن تجاريبه أكثر مما نعرف في العادة عن التجاريب السابقة