وتبين أنها تجاريب مماثلة تمام المماثلة للمشاريع العظيمة التي اتسعت في القرن العشرين لحفظ البضائع وإرسالها إلى أرجاء الأرض وحفظها إن دعت الحاجة عدة أشهر أو سنين
لم يكن لدى فرنسوا إيبرت علب ملائمة ليضع فيها بضائعه. فكان يضع كل أنواع مصنوعاته في علب من الزجاج أو الفخار ثم يحكم غطاءها ويضع العلب في ماء يكفي لتغطيتها ثم يضع الوعاء الكبير الذي به الماء وفيه العلب فوق نار حتى يسخن إلى أن يصل إلى درجة الغليان. ويتركها بعد ذلك في هذا الوعاء أوقاتاً تختلف قلة وكثرة ثم يسد الزجاجات ويختمها في أثناء حرارتها
وربما بدا لك أنه ليس في هذا ما هو جديد أو غريب يستحق أن ينال الرجل بسببه جائزة بل يصنع هذا في كل مطبخ أيام الخريف عند ظهور الفواكه الجديدة لحفظها في الشتاء. والواقع أنه ليس في هذا الأمر ما يعد اليوم جديداً ولا غريباً وإنما ذلك لأن الفكرة شاعت وأصبحت مقبولة. ولكننا الآن في القرن العشرين وهذا العالم الفرنسي كان يشتغل في معمله سنة ١٨٠٠ وبسبب جهده وصبره في العمل أصبح استكشافه سهلاً وأصبح يؤدى في مطابخنا كأنه أمر طبيعي. وكانت التجاريب تتقاضاه وقتاً طويلاً لأنه كان لابد من تجريب درجات مختلفة للحرارة وأساليب متباينة للصنع. وكان لابد كذلك من بقاء الزجاجات مغلقة عدة أشهر أو عدة سنين ليتضح مبلغ النجاح في كل تجربة. وقد قضى إيبرت اثني عشر عاماً حتى عرف خير الوسائل لمعرفة المدد التي يقضيها كل طعام على الحرارة ليكون عند استخراجه من الوعاء في مثل عذوبته وصلاحيته عند وضعه فيه
وقد رأى إيبرت أن نجاح تجاريبه يتوقف على إخراج الهواء إخراجاً تاماً، وقد رأى كما كان يرى العلماء في عصره أن الهواء يحدث عطباً في الفواكه والخضر وكانت وسائله صحيحة، ولكن مضى خمسون عاماً أخرى قبل أن يستكشف العالم الفرنسي الشهير لويس باستور ذلك الاستكشاف المميز لعصره وهو أن الفساد لا يحدثه الهواء بل الميكروبات التي تعيش في الهواء
كان إيبرت يجري تجاريبه على الطريقة الصحيحة الوحيدة ولكنه كان يخطئ في تفسيرها وكانت النتيجة واحدة لأن التجربة نجحت وحفظ الطعام
ولكن العالم الكبير باستور بشرحه القانون المسيطر على نماء البكتريا والميكروبات قد