وخلاصة القول: أن ابن بطوطة قد أدرك ابن تيمية، وإن لم يره ويسمعه.
(دمشق)
محمد محسن البرازي
إلى الدكتور زكي مبارك
١ - وجهتم أنظار المولعين بالمباحث الأدبية والتاريخية إلى درس ما بقي في أذهان العرب من أساطير الأولين لعلهم يعرفون شيئاً من رسوم الوثنية العربية التي حاربها القرآن: طلبتم هذا في معرض تدليلكم على أن وثنية العرب لم تكن (أرضية وضعية). فأقول: روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن اللات والعزى ومناة وسواها أسماء لرجال صالحين كانوا في زمن إبراهيم أو نوح عليهما السلام؛ وأن العرب قد أقاموا لهم هذه التماثيل بعد مماتهم تدليلاً على ما يكنونه نحوهم من صادق الولاء وخالص الوفاء (أنظر تفسير النسفي - سورة النجم). وفي رواية ثانية عن ابن عباس (أن اللات كان رجلاً يلت السويق للحاج. قيل فلما مات عكفوا على قبره يعبدونه. تفسير الخازن - سورة النجم) وتستطيعون إذا أردتم المزيد في هذا البحث أن ترجعوا إلى كتاب (التوسل والوسيلة) تأليف ابن تيمية طبعة المنار
٢ - أوردتم في تعليقكم على مادة (ابن الأحنف) من (دائرة المعارف الإسلامية) قصة ذكرتموها كذلك في كتابكم (مدامع العشاق) مفادها أن العباس بن الأحنف مات هو وإبراهيم الموصلي والكسائي في يوم واحد وأن الرشيد أوفد المأمون للصلاة عليهم، فصفوا بين يديه ثم سأل عنهم المأمون واحداً واحداً وأمر بتقديم العباس فصلى عليه، فلما فرغ وانصرف دنا منه هاشم بن عبد الله بن مالك الخزاعي فقال: يا سيدي كيف آثرت العباس بالتقدمة على من حضر؟ فأنشده المأمون هذين البيتين:
سماك لي ناس وقالوا إنها ... لهي التي تشقى بها ونكابد
فجحدتهم ليكون غيرك ظنهم ... إني ليعجبني المحب الجاحد
ثم قال المأمون: أتحفظهما؟ فقال: نعم. قال: أليس من قال هذا الشعر أولى بالتقدمة؟ فقال: