بلى يا سيدي) أهـ والقصة ظاهرة الوضع فإن العباس بن الأحنف قد مات سنة ١٩٢ للهجرة والكسائي توفي سنة ١٨٩ وإبراهيم الموصلي قضى سنة ١٨٨ فكيف يمكن أن يقال إنهم ماتوا في يوم واحد؟ قد يحتج الدكتور مبارك بأن هناك رواية تدعي أن الكسائي قد مات سنة ١٩٢ وهو العام الذي مات فيه العباس، ولكن ما قوله في إبراهيم الموصلي وقد أجمع الرواة على أن وفاته كانت سنة ١٨٨؟ وقد يحتج أيضاً بأنه قال عند إيراده القصة (ذكروا أن العباس والكسائي وإبراهيم الخ) وأنه عقب عليها بقوله: (فإذا صحت هذه الرواية الخ) وأن هذا وذاك يفيدان تشككه في صحة هذه الرواية، ولكنه - إن قيل ذلك - شكٌ في إسناد الرواية إلى المأمون، بيد أن الأسانيد التاريخية تدعونا لنبذ هذه القصة بكليتها على أنهم يروون أن محمد بن الحسن صاحب الإمام أبي حنيفة مات والكسائي في يوم واحد وأن الرشيد صلى عليهما وبكى قائلاً (اليوم دفنت الفقه والنحو)
ما أجدرنا بأن نمحص هذه الروايات التي تزخر بها كتب الأدب تمحيصاً جدياً لنقدم للأدب العربي بعض ما يجب له علينا من خدمات ما كنا لنعترض على هذه القصة لولا أن ناقلها هو الدكتور زكي مبارك.
(طرابلس)
محمد علي عكاري
لطيفة
بيَّنت في العدد ٣٢٥ من الرسالة كيف عاد أدهم إلى الإغارة على ما يكتبه الكتاب في مصر. وقد وقفت القارئ على فرط إقدام المغير، إذ دوَّنت نص النقد الذي عملته لكتاب (فرعون الصغير) لصديقي محمود تيمور ونشرته في مقتطف أول يوليه ثم نص النقد الذي عمله أدهم للكتاب نفسه ونشره في ١٤ أغسطس في الرسالة. وهكذا مكنت القارئ من معارضة النصَّين. وقد شرحت فوق هذا كيف استبدل المغير كلمة ألمانية جاءت في نقده بكلمة فرنسية كانت قد وردت في نقدي، وذلك رغبةً في التضليل؛ فجاء الاستبدال خطأ من حيث مفاد الكلمتين، فدلّ ذلك مرة أخرى على أن أدهم لا يعرف كيف يغير بل لا يفقه ما يكتب؛ أو قل إن معرفته بالألمانية لا تزيد على معرفته بالفرنسية، وقد بينت من قبل