وزارة الشؤون الاجتماعية؛ فهي وحدها التي تستطيع أن تعلم الزراع والصناع والعمال والخدام والباعة من كل سن وفي كل مكان وعلى أي حالة
أما كيف يتهيأ لوزارتنا الجديدة بلوغ هذه الخطة فسبيله القصد إنشاء المدارس الشعبية الليلية في معاهد المدن ومساجد القرى، وحشد العامة إليها عن طريق الإغراء المادي والإكراه غير المباشر، كأن يفرض للمنتهين والمتفوقين جوائز مالية، وأن يشرط على طلاب الرخص للسعي أو للخدمة أن يلموا بالقراءة والكتابة؛ ولسنا بصدد التفصيل فذلك عمل له وقته وله أهله
هذه المعاهد الليلية المبثوثة في أرجاء الوادي وأعطافه وأريافه ستكون - فضلاً عن عملها الثقافي - أداة مضمونة لنشر الإصلاح الاجتماعي في جهاته المتشعبة وغاياته المتعددة، فإن الوزارة تستطيع أن تجعل من كل فرد يتعلم فيها بوقاً رافعاً لأصوات وعاظها ومرشديها الذين يساعدون بالمحاضرة فيها على تقوية المدارك وتهذيب العادات وتنظيم العيشة وتدبير الصحة. وسيكون كل معهد من هذه المعاهد الشعبية وحدة اجتماعية يتفرق عنها الضوء والحرارة في كل بيئة وفي كل أسرة فإذا قامت الوزارة بذلك ثم حملت وزارة الدفاع على أن تعلم الجيش المرابط والجيش العامل فقد ظفرنا بقتل الأمية في قليل من الزمن بيسير من النفقة. وإذا قتلنا الأمية فقد أحيينا في الشعب خمود الحس وموات الضمير ومعنى الواجب
ستقول الوزارة من أين لي المال وقد ولدتني الضرورة لأعيش على ما طفح من رجال الدواوين وما فضل من مال الوزارات؟ وجوابنا أن الوزارة التي لا تقوم على المال، لا تنتج غير الأقوال. وربما كان ذلك علة ما نرى من نزوع هذه الوزارة في سياستها الإصلاحية إلى الوسائل الكلامية حتى حدثتها نفسها أن تنشئ لها مجلة خاصة بها تملأها بالمقالات والمناقشات والقصائد والحكم والأمثال لتكون كمجلة (التعاون) و (زميل الفلاح) و (المجلة الزراعية) و (الصناعة والتجارة) آلة شرهة لاستهلاك الورق والحبر في غير رحمة ولا جدوى!
يا معالي الوزير، إن فن الإنشاء مستقيم فلا يحتاج إلى إصلاح، وإن سيل الكلام دافق فلا يفتقر إلى رفد، وإن ميادين العاصمة مكتظة بالمجلات فلا تتسع إلى زيادة، وإن ما عندكم