المجتمع المصري لشهود الصراع بين طائفتين تختلف عقلياتهم أشد الاختلاف
وكيف قال هذا الكلام؟ قاله وهو يوهم القراء أنه من المبتكرات في عالم الاجتماع!
ولم يكن الشيخ الخضري أول من قال ذلك الكلام الذي سرقه احمد أمين، فقد تنبه المغفور له علي باشا مبارك إلى هذه الفكرة منذ أكثر من سبعين سنة، وعلى أساس هذه الفكرة أنشأ مدرسة دار العلوم ليخلق جيلاً يجمع بين الصبغة الدينية والمدنية ويكون أساساً للتطور المعقول
وهذه الفكرة عرض لها الكتاب بالنقد والشرح مرات كثيرة في مدى أعوام طوال، وفصلها المنفلوطي في (النظرات) بعض التفصيل، وإن كان ساقها في مساق آخر هو التناحر بين الأخياف من أبناء الثقافة المدنية
من حق أحمد أمين أن يلخص كلام من سبقوه ليطلع عليه شبان هذا الجيل
ولكن هل راعى الأمانة العلمية وهو أستاذ مسئول؟
هل رجع كل كلام إلى قائله كما يصنع أساتذة الجامعات؟
لم يصنع شيئاً من ذلك، وإنما انتهب ما انتهب، ثم واجه القراء وهو مزهو مختال، كأنه صار بالفعل من أهل الابتكار في الميادين الأدبية والاجتماعية!
قد يقال: وأين هذا الكلام من الموضوع الأصيل؟
وأجيب بأني أريد أن أبين أن أغلاط أحمد أمين لم تكن أغلاط الرجل المجتهد، وإنما هي أغلاط منهوبة مسروقة ليس فيها من جديد غير برقشتها بحبر جديد في ورق جديد!
وإليكم يساق الحديث
لبس أحمد أمين ثوب المفكر المبتكر وقال: إن الأدب الجاهلي جنى على الأدب العربي حين فرض عليه ما عرف الجاهليون من ألفاظ وأخيلة وتعابير وقواف وأوزان
وهذه الفكرة خطأ في خطأ، وهو نقلها عن بعض الكتاب الذي تكلموا في النقد الأدبي بلا زاد من المعارف الأدبية، وبلا سناد من فهم التطور الذي شهده العرب في ميدان الحقائق الأدبية
وآفة الأدب في مصر وفي غير مصر أنه معرض في كل وقت لغارة الأدعياء، فكل مخلوق يتوهم أن من حقه أن يقرأ الشعر والنثر قراءة الخبير بأسرار الدقائق الشعرية