والنثرية، وأن يوازن بين الشعراء والخطباء والكتاب والمؤلفين بعد أن تتيح له المقادير أن يفرق بين المنظوم والمنثور، وبين الخطاب والكتاب، وبين الألف والباء!
وهل كان من الصحيح أن الأدب الجاهلي جنى على الأدب العربي في العصور الإسلامية؟
إن العرب تحللوا من قيود الأدب الجاهلي منذ أول يوم توجهوا فيه إلى الاتصال بغيرهم من الممالك والشعوب
ويقول المبتدئون في الأدب إن أبا نؤاس كان أول من ثار على التقاليد الجاهلية، وهذا غير صحيح، وإن صار من الحقائق المقررة عند بعض أساتذة كلية الآداب
والصحيح أن الثورة على التقاليد الجاهلية في الأشعار والرسائل سبقت عهد أبي نواس بزمن بعيد. ولهذه الثورة شواهد في العصر الأموي سنسوقها حين نجد ما يجب ذلك، أو حين ينطق الأستاذ أحمد أمين الذي خرج بالصمت عن لا ونعم، والذي نزل بالبرج العاجي ضيفاً على الأستاذ توفيق الحكيم
قلت لكم غير مرة إن أحمد أمين قليل الاطلاع على تاريخ الأدب العربي، فلو كان من المطلعين لعرف أن العرب بعد الإسلام أعلنوا ثورتهم على التقاليد الجاهلية، وصرحوا بأن الأدب يتأثر بالزمان والمكان، وأن أخيلة سكان الحواضر يجب أن تختلف عن أخيلة سكان البوادي، وأن من يعيش في مصر له أذواق تخالف من يعيش في الحجاز أو العراق أو الشام أو المغرب أو فارس أو الهند
لو كان أحمد أمين من المطلعين لعرف أن من العرب في القرن الثالث من صرح بأحكام يعجز عن التصريح بها من يعيشون في هذه الأيام
هل تصدقون بأن من كتاب القرن الثالث من قال بأنه لا يجوز أن نحاكي القرآن في جميع التعابير؟
وهل في الدنيا جرأة أعظم من جرأة الرجل المسلم حين يقول في زمن شباب الإسلام بوجوب التحرر من بعض أساليب القرآن؟
وهل يجوز القول بأن من جاز عندهم الخروج على الأساليب القرآنية تصعب عليهم الثورة على التقاليد الجاهلية؟