على أن من الخير أن نقول إن السعادة - إن صح أنها رادف لكمال الإنسان - لا تعيش في آثار العلم والمدنية، ولا تقيم في أحضان الطبيعة والفطرة؛ ولكنها تعيش في قلب الإنسان يحملها معه أنى ذهب ولا يستطيع أن يفارقها أو يستدعيها تبعاً لظروف الزمان والمكان، وهي بعيدة عنه دائماً إن كان بينه وبينها جفاء طبيعي ولده مزاجه أو أسفر عنه خطأه في النظر إلى الحياة، فمن الناس من وهب القدرة على أن يستمد من الشقاء الذي يكتنفه شعوره بالسعادة، ومنهم من يتخذ من مباهج الحياة وأفراحها أسباب اكتئابه وشقائه. فالسعادة فن يفيد تعلمه أكثر الأشقياء الذين قد لا تنطوي حياتهم على سبب واحد يبرر الشعور بالشقاء! وما يقال في الفرد ينسحب على الجماعات. . .