للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وكذلك كان الرومان يعتقدون أن ما سواهم شعوب بربرية. ومن الغريب أن أهل الصين أيضاً كانوا الى منتصف القرن التاسع عشر ينظرون الى الانكليز ومن اليهم بأنهم بربرة. والكلمة الصينية التي تفيد هذا المعنى: معناها الحر في الاشخاص الذين يجلسون القرفصاء على الأرض: أي أنهم من الوحشية بحيث لا يتخذون كراسي لجلوسهم. وهكذا كان كبار رجال الدولة الصينية يخاطبون سفراء الملكة فكتوريا وكانوا يدعونها ملكة البرابرة حتى لقد كان هذا مما أحفظ الأنكليز؛ وكان من جملة الأسباب التي دعت الى اثارة حرب الأفيون.

ولئن كان الجرمان يفخرون بجنسهم اليوم. فكذلك كان يفعل الروس قبل الحرب، فقد كانوا يمجدون الجنس السلافي ويزعمون أنه أرقى الأجناس جميعاً.

ولعله ليس في العالم شعب قد غلا - من هذه الناحية - الغلو كله مثل الشعب اليهودي، الذي لم يكتف بأن ينادي بأنه الشعب المختار، بل لقد أصبحت هذه العقيدة جزءا من الدين اليهودي لا سبيل الى فصلها عنه.

هذه النعرات القومية، قد تكون من ضروريات السياسة، ومن وسائل النهوض بأمة في وقت من الاوقات. ولكن الواجب يقضي علينا بأن نفرق صريحا بين صيحات السياسة ونظريات العلم.

هنالك نظرية أو رأي اثنولوجي خاطئ شاع في الزمن الحديث، ولا يستند على أساس على ولا تاريخي، بل يحلو لأصحابه أن يتجاهلوا التاريخ تماما. وهذا الرأي هو القائل بأن الجنس الشمالي أو التيوتوني - الذي يمتاز بالشقرة والقامة الطويلة والعيون الزرقاء، وغير هذا من الصفات الجسدية - هو أرقى السلالات البشرية. وأنه لولاه لما كانت حضارة ولا رقى في أي عصر من العصور.

هذا الرأي الجرئ لا يجوز ان ينسب الى الالمان ولا الى الهتلريين، بل ان المؤمنين به في أمريكا مثلا أكثر من القائلين به في المانيا. ومن الغريب أن أول من قال بهذا الرأي الكونت جوبنو الفرنسي في كتابه:

'

وفي هذا الكتاب يزعم المؤلف ان التيوتونيين هم أرقى الاجناس البيضاء جميعا، وأفضل

<<  <  ج:
ص:  >  >>