يجد أنه يستطيع رفع تلك الصخرة عن موضعها بإحداث ثقل من جسمه على الطرف الآخر من الغصن دون أن يحمَّل عضلاته مشقة الدفع والرفع
إن فعل ذلك فإنه يخطو خطوة عظيمة في سبيل الابتعاد عن مستوى الحيوانات التي تعيش معه في نفس الغابة لأنه باستكشافه هذا يكون قد عثر على قانون من قوانين الطبيعة هو نظرية الرافعة التي بواسطتها يمكن استخدام ثقل ضئيل لرفع ثقل أكبر بالضغط على الطرف الآخر
لم يكن ليعرف في ذلك العهد أن هذا قانون من قوانين الطبيعة فقد مضت مئات كثيرة من السنين حتى ظهر العلامة اليوناني أرخميدس وتبين هذه النظرية وما يمكن أن يترتب عليها من النتائج المدهشة فقال: (لا أريد إلا مكاناً آخر أضع عليه الرافعة فيصبح في وسعي تحريك هذه الدنيا
وكانت لحظة عظيمة تلك التي عرف فيها أرخميدس قانون الروافع، ولكن ألم يكن أكبر من هذه اللحظة تلك اللحظة الأخرى التي احتاج فيها الصياد القديم إلى شيء فوق طاقته فصنع رافعة وهو يجهل كنهها من الخشب وحرك بها الثقل
كان هو البشير بالرجل الذي رفع الصخور الضخمة ليبني بها أهرام مصر كما كان هو البشير بمهندس القرن العشرين الذي يرفع القوائم الحديدية إلى قمة ناطحات السحاب
وإنما نجح ذلك الرجل لأنه لا يريد أن يفشل في واجب لم يستطيع أداءه، وربما كان العبء الذي أراد الصياد القديم أن يحمله إلى كهفه صندوقاً فيه جثة وحش ليقتات من لحمه، وربما كان قد أعانه على تحريك هذا الصندوق عمودان من الخشب وضعهما تحته فاستطاع بواسطتهما نقل الصندوق إلى مكان ابعد من الذي يستطيع نقله إليه لو حمله على ظهره
لكن هذا العمود كان في البداية شجرة طويلة غير مشذبة تتدحرج باليد على أرض غير ممهدة، فَنَقْل الصندوق على عمودين من هذا النوع أمر يشق على صياد مُتْعَب. لكن صادف أن كان العمود ناعم الملمس حسن الاستدارة، وكان وضعه تحت الصندوق بشكل حسن، فسهل تحريك الصندوق الذي كان تحريكه صعباً من قبل
في تلك العصور المظلمة التي نتخيل حدوث هذه القصَّة فيها كانت توجد كتل من الخشب مستديرة وهي مقطوعة من جذوع الأشجار