وكان في ذلك العهد رجل أذكى من رفاقه، فبعد أن نقل الأثقال على أشجار تتدحرج حتى كاد ظهره أن ينكسر، رأى أن يحفر اثنتين من هاتين الكتل وأن يصل بينهما بعمود يمر بوسط كل منهما لا يكون كجسم الشجرة التي تجر على الأرض. هذا هو أول نوع من أنواع العجلتين ومن المحور الواصل بينهما
وبهذه الوسيلة عرف الإنسان قانوناً آخر من قوانين الطبيعة هو نظرية الاحتكاك، والاحتكاك معناه تمرير سطح على سطح. وهذه النظرية تفيد الإنسان من عدة وجوه، وقد كنا ننزلق على الثلج بغير قبقاب (الباتيناج) لولا معرفتنا تلك النظرية
لكن إنسان ما قبل التاريخ كان يستخدم كل قوته ضد قوة الاحتكاك، فكان يوجه جهد عضلاته لجر الأثقال على الأرض، فلما رفع الأثقال عن الأرض استفاد كثيراً ووجد الدحرجة على أشياء مستديرة أسهل من الجر على الأرض، فلما عرف العجلتين المتصلتين بواصل يوضع تحت العبء تضاعف كسبه، فقد أضاف قوة العجلة إلى قوته وطبق نظرية الرافعة مرة أخرى لرفع الثقل عن الأرض حتى لا يجر جسماً مسطحاً على جسم مسطح
وشتان بين تعلم هذه النظريات من كتب الطبيعة بطريق الدرس وبين معرفة الرجل القديم لها واحدة بعد واحدة، معانياً الكثير من الفشل في مقابل القليل من النجاح. وهو في أثناء ذلك يحتال على تخفيف الجهد القاصم للظهور والمستنفد للقوى
إننا نجل الذين كان لهم من الحكمة ما ساعدهم على أن يفهموا وأن يستنبطوا القوانين العظيمة التي أقيم عليها بناء هذا العالم فلا تنسى أن تكرم ذلك المخترع المبتكر الذي كان له من الذكاء ما مكنه من صنع العجلة
أبونا النيل
(أقبل الفيضان! أقبل الفيضان! أبونا النيل يعلو)
هكذا كان يقول الأطفال في مصر فيترك كل عامل عمله ويذهب ليشهد النيل العظيم وقد بدأ يقيض ماؤه على جانبيه
وقد كانت أرض مصر مدة اشهر عشرة قبل الفيضان جافة بتأثير الشمس الجنوبية المحرقة، وهاهو ذا الصيف قد أقبل وارتفع ماء النهر المعبود جرياً على عادته التي لم يخلَّ بها؛ وهاهو ذا يترك مجراه ويصل إلى أماكن بعيدة من أرض البلاد التي يهبها الحياة،