الأغاني كانت جديدة، أو جميلة، أو قوية؛ ولكنها كانت ثقيلة، مملولة، معادة وإن ظهرت في ألفاظ جديدة وشكل جديد؛ واللحن المكرر يسأم وإن عرض من آخره معكوساً بدل عرضه من أوله. . .!!
قد يقول قائل: إن الفرقة هزلية، والرواية (كوميدية) مضحكة، وعلى ذلك فلا يشترط أن تتضمن الرواية فكرة أو ترمي إلى مغزى؛ وقائل هذا مخطئ بعيد عن روح المسرح جاهل لرسالته. فسواء كانت الرواية محزنة أو مضحكة، وسواء كانت من (الدرام) أو (الكوميدية)، فإنها تستطيع - بل يجب - أن توضح ما يشاء المؤلف من أفكار، وتعرض ما يشاء من مبادئ، وتظهر ما يشاء من غرض
وقد تستطيع الرواية الهزلية بنكاتها اللاذعة و (قفشاتها) المحكمة، أن تؤثر في أفكارنا وفي عواطفنا وفي نفوسنا، أكثر مما تؤثر الرواية المحزنة؛ فإن النفوس أميل إلى الضحك، وأولع بالهزل، ومن هذه السبيل نستطيع أن ندخل إلى النفوس ما نشاء من آراء ومبادئ. وقد يستطيع الممثل الهزلي بسخريته واستهزائه وتهكمه، أن يقف منا موقف الحكيم الفيلسوف، فيهدي الضال ويرشد الحائر، ويقوي الفضيلة، ويحد من الطغيان!
لقد كانت رواية (عثمان في الهند) التي نحن بسبيل نقدها، تتحدث عن أن المعروف إذا فعله المرء وألقى به إلى البحر فإنه لا يضيع، ولكن هل يستطيع حقاً - أو يستطيع من سمع أو شاهد الرواية - أن أقول إنني آمنت - بتأثير الرواية - بهذا المبدأ؟ هل استطاعت الرواية حقاً أن تظهر هذا المبدأ الأخلاقي كأنه قضية مسلمة مقبولة؟ الجواب: كلا!. . .
إن أكبر اللوم - كما أعتقد - يقع على مؤلف الرواية، لأن الممثل يترسم خطاه، ويتمسك بأسلوبه وطريقته، ولو أن المؤلف أجاد التأليف لاستطاع أن يجيد الممثل التمثيل فنشهد الرواية الكاملة
يا حسرة على المسرح المصري. . . لقد ظهر عدوه اللدود (السينما) وبدأ يغزوه في كل مكان وكل ميدان، وكنا نتوقع من المسرح أن يشمر عن ساعده، ويحمل سلاحه لمناضلة هذا العدو الجديد، لكي يثبت أنه جدير بالبقاء والحياة. ولكنه - مع الأسف - رضي من الغنيمة بالإياب، واستطاب الركود والخمول. وما دليلي على ذلك إلا إقامة أهله على تمثيل