ورئيس تحرير المقتطف على ذلك، فمن أين جاء أدهم بالكلمة الفرنسية، وكيف جعلني (أعتبر) ما يجهل أنا (معتبره)؟
ثم كنت كتبت أن أدهم (يرتجل المصادر) ودليلي أنه استشهد بالإصحاح الرابع عشر من (سفر دانيال) من العهد القديم للكتاب المقدسّ، على حين أن (سفر دانيال) كله أثنا عشر إصحاحاً فقط. فبينت كيف اقتبس أدهم ذلك المرجع الوهمي من كتاب (ملتقى اللغتين) لمراد فرج، وكيف سقط هذا المرجع هناك من باب الغلط المطبعي - إذ الصواب الإصحاح الرابع - فسطا عليه أدهم من غير تحقيق ولا رؤية. ثم إني أتيت بدليل آخر مجمله أن أدهم استشهد، عند الكلام على أنساب العرب، بالجزء الثالث من (الفهرست) لابن النديم وعين الصفحة ١٨٧ فبعد أن نفيت احتمال غلط الطبع بينت أن (الفهرست) لم يخرج إلا في جزء واحد، وأن الصفحة التي عينها الرجل لا أثر فيها لما استشهد به. وكان أدهم قد أسند نص الاستشهاد إلى أبن حزم، فسألته من ابن حزم هذا وما كتابه، ولابن حزم المشهور ستة وثلاثون مؤلفاً؟ فاستخلصت من هذا كله أن أدهم اقتبس المرجع إلى (الفهرست) من كتاب من الكتب الحديثة من غير أن يراجع المظنة، دأبه مع (سفر دانيال). هذا وأخبرني من هو أرسخ مني في العلم قدماً بأن ما استشهد به أدهم إنما هو وارد في الجزء الثالث من كتاب (بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب) للألوسي. فانظر كيف يكون الاضطراب في تناول المراجع.
كتبت ذلك فأحجم أدهم عن الدفاع، أو قل أبي التسليم: أحَياء أم مكابرة؟
أما نقد أدهم الثاني فمما لاُ يلتفت إليه؛ فيه عناد ومغالطة وتحدٍّ وعود إلى اختلاق القول وتهويل ونقد عن هوىً. والله يعلم أنيً لست ممن يعتبط الكلام ويرسل التهمة؛ فرجائي من القارئ أن يلمس بعض الأدلة:
- أما العناد ففي إصرار أدهم على أن المسلمين الذين اهتديتُ إليهم في فنلندة سنة ١٩٣٤ لم يرحلوا إليها عقب الثورة البلشفية في روسية، على حسب ما أثبتُّ نقلاً عن هؤلاء المسلمين أنفسهم واستناداً إلى بيان موظفي الحكومة الفنلندية. وإن أدهم يحملنا على أن نظن أن أولئك المسلمين من سلالة طائفة من الترك هبطوا فنلندة في (القرن السادس عشر للميلاد)، وحجته هنا أن مدينة (توركو) الفنلندية تشتق اسمها من هؤلاء الترك. فرددت