الهتلرية والنازية، وكانت الإشاعات تتوالى بالتقدم في طريق الاتفاق والدخول في التفصيلات التي لا ضير منها على المبادئ والأصول، وتشاء مضحكات القدر أن نقرأ أنباء هذه البشريات وأنباء الغدر الروسي في بريد واحد وصل بعد استفحال الخطب وجلاء الشكوك!
ويسألني القارئ: وما اقتراحك في هذه المشكلة؟ أتراك توصي بإسناد الوزارة والسفارة إلى الباحثين والدارسين وانتزاعها من أيدي الوزراء والسفراء؟
وأبادر فأقول معاذ الله!. . . إن الباحث باحث والوزير وزير، فإذا أصبح الباحث وزيراً بطل بحثه ونقص من أحد طرفيه ولم يستوف العملين في آن
وإنما أقول بوجوب الانتفاع بهذه البحوث والدراسات في تذكير الوزراء والسفراء أو في بسط وجوه النظر في كل مسألة من مسائل السياسة والحكم عندما يعرضها عليهم العارضون
فيشتمل كل مكتب من المكاتب المتصلة بالسياسة القومية أو السياسة العالمية على قسم للقراءة والتلخيص والتبويب، ولا تنظر مسألة من المسائل إلا ومعها سجل الحقائق والمعلومات والآراء التي اهتدى إليها في تلك المسألة ذوو الخبرة والاختصاص
ولبيان الفرق بين قرار يتخذه عالم منقطع للدرس والمراجعة وقرار يتخذه وزير خاضع للقيود العلمية والوقائع الراهنة والمنازعات الحزبية نسأل:
هبوا وزراء فرنسا وبريطانيا العظمى اطلعوا جميعاً على كتب الباحثين وفصول الخبراء الثقات في ترجيح المحالفة النازية الشيوعية والتيئيس من المحالفة الأخرى وآمنوا أصدق الإيمان بما قرءوه فماذا عساهم كانوا صانعين؟
كانوا يحجمون عن مفاوضة الروسيا ويستضيعون الوقت فيما ليس وراءه طائل
ونعود فنسأل: أتراهم يحسنون بذلك أم يسيئون؟؟
واعتقادنا نحن أنهم يسيئون غاية الإساءة، لأن أنصار الروسيا بين الفرنسيين والإنجليز أبناء الأمم أجمع يظلون بعد ذلك في ضلالهم القديم، ويزعمون لأنفسهم أو لغيرهم أن ساسة فرنسا وإنجلترا هم الذين عزلوا الروسيا وقطعوا ما بينهم وبينها
فدفعوا بها كارهة إلى أحضان النازيين أعداء الديمقراطية، وانهم إذن مسؤولون عن هذا