للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وقد ناقشنا هذا الرأي بمقال مفصل نكره تلخيصه اليوم لئلا نقع في الحديث المعاد، فهل يعرف القراء من أين أخذ الأستاذ أحمد أمين هذا الرأي؟ أخذه من قول الدكتور أحمد ضيف:

(وقد قال بعض المستشرقين مثل رينان ومن جرى على مذهبه: إن العرب ككل الأمم الساميّة ليس لها أساطير في شعرها ولا في عقائدها، وإن هذا يدل على ضيق الخيال لديهم: لأن الأساطير والخرافات إنما هي نتيجة سعة الخيال، ونتيجة الحيرة والبحث وحب الاطلاع. . . وكل ذلك يظهر أثره في بلاغات الأمم من نظم ونثر، كما هي الحال عند الأمم الآرية كاليونان وغيرهم من الأمم الأوربية، وقالوا سعة الخيال، ولا يقصدون بالخيال ما نقصده نحن من المجاز والتشبيه، وإنما يقصدون سعة الخيال في تصور الحقائق وفي إدراك الموضوعات المختلفة، لأن أساطير اليونان كان منشأها البحث عن الخالق وتصوره فلم ترشدهم عقولهم إلا إلى ضرب من الخرافات كتبوا عنها وألفوا فيها الأسفار ونصبوا لها التماثيل، فاستدل الباحثون بذلك على قوة الذكاء وسعة الخيال وحب الجمال والافتتان فيه، وربما كان هذا من الأسباب التي حملتهم على طول الكلام والميل إلى القَصص في النثر والشعر، لأن هذا النوع من البلاغة ليس إلا ضرباً من سعة الخيال في التصور والفكر والتعبير. ومن هنا يكون تعدد الأنواع في ضروب البلاغة نظماً ونثراً)

ذلك كلام الدكتور أحمد ضيف في محاضرات ألقاها بالجامعة المصرية سنة ١٩١٨ ونشرها سنة ١٩٢١

فهل عرفتم من أين سرق الأستاذ أحمد أمين كلامه عن الفرق بين وثنية العرب ووثنية اليونان؟ هل عرفتم من أين سرق القول بأن الوثنية العربية لم تخلق التماثيل كما صنعت وثنية اليونان؟ هل عرفتم من أين أنتهب القول بأن المجاز والتشبيه لا يدلان على سعة الخيال؟ هل عرفتم من أين اغتصب القول بأن الجاهليين لم تتعدد عندهم ضروب البلاغة فلم يعرفوا الأقاصيص الشعرية والنثرية؟

إن الدكتور أحمد ضيف لم يبتكر هذا الكلام، ولكنه راعي الأمانة العلمية فذكر مصدره من كلام المستشرقين، أما الأستاذ أحمد أمين فقد انتهب ما نقله الدكتور أحمد ضيف عن المستشرقين ثم ادعى أنه من مبتكراته ودعا الناس إلى مناقشته في تلك (المبتكرات)!!

<<  <  ج:
ص:  >  >>