للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فهل عرف أنه جازف أقبح مجازفة حين دعا الباحثين إلى مناقشته وهو يظن أن لن يسمع منهم غير الحمد والثناء؟

وفُتِنَ القراء بقول الأستاذ أحمد أمين إن العربي الجاهلي وصف ما رآه، وهي فكرة بسيطة لا تحتاج إلى مقال مطول في مجلة اسبوعية، ولكنها مع ذلك مسروقة من قول الدكتور أحمد ضيف:

(كان العربي يصف في شعره ما يراه، ويتكلم عما يشعر به في نفسه من عواطف وفضائل، وقد تكلم وعبَّر عما يجول بخاطره بنفس الشجاعة والإقدام اللذين كانا له في الحياة)

فأين الذين فتنوا بكلام الأستاذ أحمد أمين ليعرفوا أنه مسروق من كلام الدكتور أحمد ضيف؟

وهناك فرق بين العبارتين: فعبارة الدكتور ضيف سبقت بتعليل مقبول لوقوف العربي عند وصف ما يراه، أما أحمد أمين فاقتضب الكلام حتى لا ينتبه بعض القراء إلى أنه يجدح من سويِق سواه!

وقال الأستاذ أحمد أمين إن بلاد العرب كانت في الأغلب جرداء فلم توح إليهم التفنن في وصف المناظر الطبيعية من رياض وبساتين، وجداول وأنهار، وجبال مكللة بالأشجار والأزهار

فهل يعرف القراء أنه سرق هذه الفكرة من قول الدكتور أحمد ضيف:

(إن طبيعة بلاد العرب الجافة ذات الشكل الواحد لم تُلهم العربي ولم توح إليه من أنواع الجمال غير جمال التعبير عما يجول بخاطره وإظهار عواطفه إظهاراً ساذجاً. غاب عنه جمال الطبيعة من حقول وخمائل ومن جبال وتلال مكللة بالأشجار والأزهار، ونَدرَ لديه جريان الماء وهدوء الجو، فلم ير إلا الصحراء المحرقة ذات الفضاء اللانهائي، والنخل المصعد في السماء على شكل واحد فأثر ذلك في خياله وجعله لا يعرف التغيير)

قد تقولون إن هذه أفكار تعدُّ من البديهيات، فمن حق أحمد أمين أن ينقلها عن أحمد ضيف

وهذا حق، ولكن ما رأيكم فيمن ينقل البديهيات التي أعيدت مرات على أنها من البدع المبتكر الطريف، ثم يقول وهو مزهو مختال: هذه آراء نعرضها للبحث وندعو القراء إلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>