مناقشتها رغبةً في تلخيص الأدب العربي من الأوهام والأضاليل؟!
وأراد الأستاذ أحمد أمين أن يأتي بالأعاجيب فقرر أن العرب لم يعرفوا الشعر القصصي ولا الشعر التمثيلي، وهي فكرة بسيطة لا تحتاج إلى دعوى الابتكار والابتداع، ولكنها مع ذلك مسروقة من قول الدكتور أحمد ضيف:(الشعر القصصي والشعر التمثيلي بالمعنى المعروف الآن عند الأدباء في بلاغات الأمم الأخرى لا وجود له عند العرب)
وما ادعينا ولا ادعى أحد أن العرب كان عندهم شعر قصصي وشعر تمثيلي حتى نحتاج إلى حذلقة أحمد أمين.
وعاب صاحبنا على الناس أن يظنوا أن العرب عرفوا كل شيء، ولامهم على الاطمئنان المطلق إلى المؤلفات القديمة مع أنها على سعتها مشوشة تتنافر بعض أجزائها مع بعض، وعجب من أن يوجد قوم يأنفون من الخروج على الأدب القديم
وهذا الكلام (المبتكر) مسروق من قول الدكتور أحمد ضيف في مطلع المحاضرة التي ألقاها بحضور الزعيم سعد زغلول في اليوم التاسع من نوفمبر سنة ١٩١٨:
(دراسة الأدب العربي بالطرق المعروفة الآن لا تزال حديثة العهد. والأدب العربي على سعته وغناه مشوش مختلط مرتبك لا يزال باقياً على حالته الأولى من البساطة والسذاجة في التأليف والجمع، ولم تحرر بعد عقول أدبائنا من قيود الطرق القديمة والانتصار لها، ولا يزال يعد الخروج من القديم خروجاً عليه. ولا نزال نعتقد أن القدماء وصلوا إلى أقصى ما يمكن أن يصل إليه العقل البشري من الذكاء والإتقان، وغير ذلك من ضروب الرضا والارتياح)
ومن ذلك ترون أن الأستاذ أحمد أمين لم يكن من المبتكرين حين أراد أن ينهبكم إلى الغفلة التي شاعت منذ أزمان، الغفلة التي توجب أن نجهل أن مصادر الأدب العربي تحتاج إلى تهذيب وترتيب، والتي قضت أن تظل عقولنا في أسر الأدب القديم، والتي أوهمتنا أن العرب لم يتركوا زيادةً لمستزيد، وأنهم وصلوا إلى كل شيء، وأن لغتهم أحسن اللغات
قد تعتذرون عن الأستاذ أحمد أمين بأنه يحادث ناساً يعيشون في سنة ١٩٣٩ لا في سنة ١٩١٨، ولكن لا تؤاخذوني: فقد توهمت أننا نتقدم في الدراسات الأدبية من يوم إلى يوم، وأن ما ينشر في سنة ١٩١٨ لا يعاد بحروفه في سنة ١٩٣٩ خوفاً من أن يقال إن في