للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

استطاع مدى ثمانية أعوام أن يتفادى نظر القضاء لقضيته، وان يفوز بتأجيلها تباعا عشرات المرات، وانه لبث أعواما يمرح في جرائمه واختلاساته مع أنه معروف لدى دوائر البوليس، ولم تكن جرائمه سراً من الاسرار، فأي دليل أسطع على فساد القضاء وتدهور القانون والأمن والنظام؟

وقد حاولت وزارة مسيو شوتان التي ظهرت في ظلها هذه الفضائح ان تقمع الفساد بسرعة، فأبعد منها الوزيران اللذان اتجهت اليهما الشبه، وهما مسيو دالامييه وزير المستعمرات ووزير العمل السابق، ومسيو رينالدي وزير الحقانية، وقدمت الى البرلمان مشاريع قوانين بمعاقبة الرشوة والمواظفين المرتشين بأشد العقوبات، وقبض على مدير البوليس القضائي وبعض زملائه ليحقق معهم، وقبض على النائبين جارا وبونور اللذين ثبت انهما تلقيا مبالغ طائلة من الافاق ستافسكي وعاوناه في مشاريعه لدى الرجال المسؤلين، وأحيل عدة قضاة من رؤساء الدوائر وأعضاء النيابة الى المحاكمة التأديبية لأنهم تهاونوا في نظر قضية ستافسكي فتركت معلقة عدة أعوام دون أسباب معقولة، ولكن هذه الاجراءات كلها لم تقنع الشعب ولم ترضه. وبدا للشعب بحق أن الجريمة أوسع مدى مما ظهر، وأن الداء أشنع وأبعد أثراً مما صور، وكان من اصراره وسخطه واضطرامه ان استقالت الوزارة (الملوثة) واستقالت من بعدها وزارة دالالدييه، لأنها تستند الى نفس الأحزاب التي ينتمي اليها الرجال (الملوثون)؛ وجاشت باريس وفرنسا كلها بموجة ثورية، كادت تكتسح في طريقها كل شيء لولا أن تذرع الرجال المسئولون ببقية من الشجاعة والحزم، وتقدم الرئيس الشيخ دومرج ليضطلع بأعباء الحكم في هذا المأزق العصيب؛ فألف وزارة ثقة قومية ارتضتها البلاد واستطاعت أن تبث نوعاً من الطمأنينة.

والآن لنعد الى ستافسكي بطل هذه الفضائح المروعة التي كادت تبث الى فرنسا ضرام الحرب الأهلية

لقد شرحنا فيما تقدم طرفا من الحياة المالية العجيبة التي خاض غمارها هذا الافاق البارع، وكيف انه ارتفع من العدم الى صف أعظم رجال المال، وانشأ شركات وبنوكا عديدة، وانتهى بأن انشأ بنك التسليف البلدي في بايون، واتخذه مع شركائه اداة لاصدار سندات مزورة بمئات الملايين كان يستولي على قيمتها ويبددها على بذخه ولهوه، وشرحنا طرفا

<<  <  ج:
ص:  >  >>