من الوسائل والاجراءات التي كان يتبعها لاختلاس هذه المبالغ الطائلة، وكيف اكتشف أمره أخيرا وقبض على شريكه ومساعده الاول تسييه مدير بنك بايون، فبادر بالاعتراف وقص على المحققين كيف كان هذا الاختلاس الهائل يدبروينفذ مدى هذه الاعوام، والقى كل مسئولية فيه على ستافسكي وزعم أنه ضحية نفوذه وإكراهه المعنوي.
وكان اكتشاف الحادث في يوم ٢٢ ديسمبر، ففي نفس اليوم غادر ستافسكي مسكنه الفخم بحي الشانزليزيه بباريس وودع زوجه وولديه، وقال انه مسافر الى فينا لاعمال هامة. ثم اختفى في نفس الوقت الذي صدر فيه أمر قاضي التحقيق بالقبض عليه، وابلغ هذا الامر الى جميع مراكز البوليس والنيابة في فرنسا، والى جميع سلطات الحدود، وطير الامز بواسطة الراديو واللاسلكي الى جميع البواخر الراسية في الثغور الفرنسية والمسافرة في عرض البحر، فلم يكن ثمة وسيلة لأن يغادر ستافسكي فرنسا أو يجتاز الحدود الى أي بلد أجنبي، وأطلقت في أثره مئات من رجال البوليس السري في جميع المواطن التي يظن أنه قصد اليها، ولكن ستافسكي ظل مختفياً عن العيان، ولم يظفر انسان بأثره، وأصرت زوجته على أنها لا تعرف شيئاً عن مصيره ومكان اختفائه ولم تهتم قط بأن تعرف شيئاً عن اعماله المالية.
على أن ادارة البوليس كانت على ثقة من أن ستافسكي لم يغادر فرنسا وأنه لا زال مختفيا بها بمعاونة بعض أصدقائه وقد اسفرت تحرياتها المتواصلة في النهاية عن تأييد هذه الحقيقة، واستطاع بعض رجال البوليس السري بعد أسبوعين من البحث والتنقيب أن يعثروا بآثار بعض أصدقاء ستافسكي في مدينة (شوموني) احدى مدن الجنوب الجبلية، وأجتمعت لديهم القرائن والأدلة على أن الهارب قد التجأ الى هذه الناحية القاصية. وكان ستافسكي قد فر الى هذا المكان بمعاونة اثنين من موظفيه السابقين الذين كان يغدق عليهم عطفه وعطاءه، واستاجر له أحدهما في (شوموني) منزلا صغيراً منعزلا باسم مستعار، ولجأ اليه ستافسكي مع صديقيه باسم مستعار أيضا، ولزم غرفته ولم يغادرها، فحاصر رجال الشرطة هذا المنزل بعد أن وثقوا من أنه هو المقصود، وأن ستافسكي موجود فيه بلا ريب. ثم صعد بعضهم الى الطابق الأعلى، وطلبوا الى ستافسكي أن يسلم نفسه، وكان معتصما بغرفته، فلم يجبهم أحد، فاستمروا في البهو الخارجي حينا يطلبون التسليم دون