للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

جدوى. وأخيراً دوت من الغرفة المحصورة طلقة نار، وهوى جسم على الارض، فكسر رجال البوليس باب الغرفة في الحال، فالقوا ستافسكي بعينه ملقى على الارض مضرجا بدمه في النزع الاخير وقد اخترقت الرصاصة رأسه. وكان ذلك في الثامن من شهر يناير الماضي.

هذا هو البيان الذي قدمته إدارة البوليس عن مصرع ستافسكي بطل الفضيحة الكبرى، ورددته معظم الصحف الفرنسية. ولكن ثارت حول هذا البيان ريب وشكوك خطيرة، وأنكرت بعض الدوائرصحته، وأكدت أن ستافسكي لم ينتحر، ولكن البوليس قتله قتلاً لكي يخرس بذلك لسانه الى الأبد فلا يفضيي إلى المحققين بشيء من الاسرار التي يعرفها، ولا يفضى بالاخص باسماء شركائه ومنهم كثير من الرجال المسئولين، وبذلك يسدل الستار على أهم جوانب الفضيحة. وقد رددت هذه التهمة بقوة، وقذف بها في مجلس النواب في وجه الوزارة، وأهتم لها الرأي العام. ويدلل أصحاب هذا الاتهام على صحته بقرائن شتى، منها أن ستافسكي لو كان ينوي الانتحار لانتحر منذ البداية، ولم يتكبد مشاق الفرار والاختفاء وان رجال البوليس حينما داهموه في مخبئه انتظروا نحو ساعة قبل أن يحاولوا القاء القبض عليه، وأن رئيسهم اتصل أثناء ذلك تليفونيا بادارة البوليس في باريس مع أنه كان يحمل أمراً صريحاً بالقبض على ستافسكي، ثم يقولون أيضاً إن ستافسكي ترك بعد مصرعه طريحاً ينزف الدم منه نحو ساعة ونصف ساعة قبل أن يسعفه الطبيب وسمح للمصورين أن يصوروه وهو في هذه الحالة الخطرة، وأن المقصود بذلك كله أن يهلك ستافسكي قبل أن يستطيع الافضاء بشيء وهذه أقوال لها قوتها بلا ريب. ونحن من جانبنا نرجح مقتل ستافسكي لا انتحاره، خصوصاً وانه ثبت من التحقيق أن البوليس كان يتستر على ستافسكي، وان بعض أكابر ادارة الشرطة الباريسية وفي مقدمتهم مسيو جيشار مدير البوليس القضائي كانوا يتلقون منه الاعانات الطائلة، هذا الى أن الاختام القضائية لم توضع على مسكن ستافسكي الباريسي، وعلى مكاتبه الا بعد عدة أيام من فراره، ولما فتشت لم توجد بها أوراق تفيد التحقيق في شيء:

هكذا كانت خاتمة سرج ستافسكي أعظم أفاق ومختلس في العصر الحديث، بيد أن هذه الخاتمة لم تنجع شيئا في تهدئه اضطراب الرأي العام، ولم تفعل سوى أن أثارت على

<<  <  ج:
ص:  >  >>