للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وقائع الفضيحة وظروفها ظلاماً جديداً. هل قبض على جميع المجرمين المسئولين عن تبديد أموال الشعب بهذه الجرأة المثيرة؟ أم بقى الاكابر المرتشون المتسترون كالعادة في الظلام؟ هذا ما يتساءل الشعب الفرنسي عنه اليوم. والظاهر أن الشعب الفرنسي لم يقنع بأن ما اتخذ من اجراءات القبض والتحقيق يكفي للقمع ذلك الفساد الذي يقضم النظم والحياة العامة كلها. فقد سقطت وزارة دالادييه أمام غضب الشعب وسخطه، ولكن وزارة دومرج التي قامت مكانها ما تزال تصطدم بهذا السخط، وما تزال العاصمة الفرنسية تضطرم بمختلف المظاهرات، وما يزال العاصمة الفرنسية تضطرم بمختلف المظاهرات، وما يزال الجو فياضاً بمختلف الاحتمالات والرأي العام لا يقف عند المطالبة بمعاقبة المجرمين المغتالين لأموال الشعب أياً كانت مراكزهم وصفاتهم، ولكنه يطالب أيضاً بتطهير الحياة اللعامة من تلك الاادرلان المشينة ووضع الضمانات الكفيلة بطمأنينة الشعب على أمواله وثقته بأن وزاءه ونوابه وموظفيه ليسوا شركاء للصوص والمختلسين، بعد أن دل التحقيق في كل فضيحة من هذه الفضائح المالية الكبرى أن هنالك وزراء ونوباً ومواظفين يشتركون مع اللصوص والمختلسين، ويمرحون معهم في تبديد اموال الأرامل وصغار المودعين والمستشمرين، ويعانونهم في اجتناب سطوة القانون والعدالة. والواقع أن هذه الفضائح المالية الشاملة لم تبق في فرنسا حوادث فردية، بل غدت ظاهرة قوية في سير الحياة العامة. واذا تتبعنا تاريخ الجمهورية الثالثة وجدناه فياضاً بتلك الكوارث المالية الفادحة التي يدبرها افراد اذكياء بمعاونة الرجال المسئولين، وتسفر دائماً عن اختلاس مئات الملايين ونكبة مئات الالوف. وقد كانت هذه الحوادث في بدء الجمهورية الثالثة تعتبر من مخلفات الامبراطورية، لانها ظهرت وتفاقمت في أواخر عهدها، وان توطد النظام الجمهوري سوف يقضي عليها ويطهر الحياة العامة من ادرانها. ولكنها استمرت تتعاقب قوية مروعة في ظل الجمهورية؛ ودلت كثرتها وتفاقمها في الاعوام الاخيرة، حسبما بينا، على أن النظام الجمهوري او بعبارة أخرى على أن الديموقراطية تحتضنها وتسيغها. ويخشى اليوم أولئك الذين يقدسون النظم الديمقراطية، أن هذا الفساد الدفين الذي لم توفق الحكومة الديمقراطية الى قمعه، قد يصرف الشعب عن عبادة الجمهورية والديمقراطية، ويجعله أكثر قبولا لقيام النظم الفاشستية والطغيان المطلق. والديمقراطية تعاني اليوم ازمة

<<  <  ج:
ص:  >  >>