عليهما رحمة الله، وعلى مؤلفيهما السلام، وهي تحية تصل أصداؤها إليه وإلى علي الجارم وأحمد ضيف وعبد العزيز البشري وطه حسين.
وسيأتي يوم أفصِّل فيه ما أديت من الخدمات لتوجيه الحياة العلمية بوزارة المعارف؛ تلك الخدمات التي انتفع بها أحمد أمين وغير أحمد أمين، ثم مضت بلا شكر ولا جزاء غير السرقة والانتهاب!
إن الفخر بغيض ممقوت، وقد عابه عليَّ الأصدقاء قبل الأعداء؛ ولكن ماذا أصنع وأنا أشهد آرائي تُنتهب بلا تحرُّز ولا ترفق، وبها يرد على خصومي حين يشتجر القتال، وكأنها مما ابتكرت أفكارهم الثواقب وألسنتهم النواطق!
ويقول أحمد أمين وطه حسين: إن الأدب يجب أن يرفع نفسية الأمة ويدلها على مواطن الضعف والقوة لتواجه الحياة عن هدى وبصيرة
فهل أستطيع أن أقول إن هذه الآراء منهوبة من قول صاحب رسالة (اللغة والدين والتقاليد)(ص ٤٦ و ٤٧).
(فإذا انتقلنا من الأدب وتاريخ الأدب في المدارس الثانوية والعالية تلفتنا نبحث عن الأديب المخلوق لدرس الحياة، ونحن نرجو أن يكون في أساتذة الأدب من يخرج على الذوق المتكلف والوقار المصنوع، نرجو أن يكون عندنا أساتذة يزورون تلاميذهم في بيوتهم، ويرافقونهم في الحفلات والسهرات، ويطوفون بهم على الأحياء الشعبية ليعلموهم كيف تكون الثورة على ما في حياة الشعب من بؤس وشقاء. . . نريد أساتذة يربون تلاميذهم على مرافقة العمال والصناع والفلاحين ليكونوا في المستقبل من حملة الأقلام الثورانية التي تبدد غياهب الجهل والخمول. . . نريد أدباً يبعث في الشعب روح التمرد على الفقر والمسكنة والذل، ويروضه على الطمع الشريف في الغنى والكسب والعزة والكبرياء. . . نريد أدباً يطمعنا في استرجاع ما ضاع من مجد مصر والنيل. . . نريد أدباً يرفعنا إلى صفوف الجوارح، نريد أدباً يعلمنا فضل المِخلب والناب، نريد أدباً نسيطر به على الدنيا غير باغين ولا عادين).
أما بعد فقد أنهيتُ القول في محاسبة الأستاذ أحمد أمين بعد أن أرَّقت جفونه خمسة أشهر كانت عنده كألف سنة مما تعدون، وأنا أشكر لمجلة (الرسالة) وقرائها ما لقيت من تشجيع