وإذاً فمن صالح هذه الطبقة - وصالح الجماعة أيضاً - أن تنصرف إلى نوع العمل المستعدة له، يعني الزراعة والصناعة؛ أما الطبقتان الأخريان فقد رأى العناية بتربيتهما من سن السابعة إلى سن العشرين.
وحينما يصل الشبان إلى هذه السن تكون قد ظهرت مواهبهم وقدراتهم للمشرفين على تربيتهم، فيختارون من بينهم النابغين منهم عقلياً وتفكيرياً ليواصلوا دراساتهم الثقافية وتستمر دراسات هؤلاء المختارين مدة عشر سنوات يعالجون فيها من الموضوعات كل ما ينمي فيهم القدرة على التعليل وفي نهاية عشر السنوات يُختار الصالح من هذه الطبقة ليكون مشرفاً إدارياً، بينما يستمر الأصلحون منهم خمس سنوات أخرى في دراسة الجدل والحوار المنطقي، وبذلك يكونون قد أُعِدُّوا لتحمل التبعة الكبرى، تبعة الحكم الرئيسي
ويمثل رأي أفلاطون الذي شرحناه هذا مذهب الوراثيين الذين يبالغون في أهمية الوراثة كعامل مرجح في تكوين الصفات العقلية والخلقية والجسمية للفرد، ويعزون للوراثة وحدها الفروق السيكلوجية بين الأفراد
ولسنا هنا في مقام انتقاد هذا الرأي الأفلاطوني من الناحية العلمية والسيكولوجية الحديثة، ولا في مقام شرح نقط الضعف في نظام الطبقات وتربيتها، تلك التربية التي أهملت عدداً كبيراً من المواهب الفردية والعناصر النافعة ضائعةً في طبقة الصناع والتجار والزراع وفي طبقة الجنود. ولكنه ضروري من الناحية التاريخية أن نشير إلى أن أفلاطون حاول أن تكون مراحل التربية وغاياتها في المدينة الفاضلة مبنية على أساس أن هناك فروقاً عقلية وجسدية بين أفرادها. ويقابل هذا في التربية الحديثة أن تكون المناهج الدراسية مختلفة باختلاف قوى التلاميذ العقلية واستعدادهم الطبيعي وميولهم الفطرية، وأن يكون التعليم المدرسي فردياً أكثر منه جميعاً
اتبع أرسطو مذهب أستاذه أفلاطون في قبول مبدأ الفروق السيكلوجية الفردية، ولكنه اختلف عنه في أن أهم هذه الفروق هي الفروق الجنسية.
فالمرأة عنده تختلف بطبيعتها عن الرجل من حيث استعدادها العقلي والجسمي والمزاجي والخلقي. ولذلك رأى أن يختلف نوع التربية التي تتلقاها عن تربية الرجل، وأن تكون