للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الغاية من تربيتها مختلفة عن الغاية من تربية الرجل. فلم يقرَّ ما ذهب إليه أفلاطون من أن الطبيعة جعلت المرأة مساوية للرجل وهيأتها للمشاركة في الجندية والسياسة. وزاد على ذلك أرسطو فحاول أن يحدد النمو البشري العقلي والجسمي وطبيعته، والعوامل التي تحدث الفروق السيكلوجية في مراحل هذا النمو. وهو يرى أن التربية ليست آلة يستطيع بها المربي أن يصوغ المربى كما يشاء، وأن يضعه في القالب الذي يريد، ولكن التربية وسيلة للتوجيه فقط، توجيه القوى الكامنة والاستعدادات السيكلوجية الفطرية في الأفراد توجيهاً إلى الناحية الصالحة، وتوجيهاً عن الناحية الفاسدة.

وهو يرجع الفروق السيكلوجية بين الأفراد عامة إلى ثلاثة عوامل رئيسية:

(١) الطبيعة البشرية (٢) العادة والتمرين (٣) التعقل.

أما الطبيعية فهي وراثية توجد في الطفل منذ الولادة وهي كامنة في الفرد في جميع أطوار نموه. وأما العادة فهي أثر من آثار البيئة وهي التي تحدد اتجاه النمو الطبيعي والتطور الفردي.

وأما التعقل فهو الذي يتدخل في قوانين العادة فيهذب منها، ويبطل هذا ويحبذ ذلك.

ويدلنا مذهب أرسطو هذا على اعتداله، وأنه يأخذ بمبدأ تأثير كل من الوراثة والبيئة في إيجاد الفروق الفردية السيكلوجية. غير أنه يقول بأن فرداً لا يمكن تغييره وتحويره بحيث يعدو حدود طبيعته، لأن أي مؤثر تربيوي إنما يحدث أثره في الفرد ضمن قوى الفرد الطبيعية.

ويقرر أن الأفراد الذين يعوزهم الذكاء العقلي يعيشون طول حياتهم متخلفين عن غيرهم ممن منحوا هذا الذكاء مهما سلطت على الأولين من عوامل تربيوية قوية. وثمة نوع غير هذين النوعين من الأفراد وهم النابغون، وهم قلائل ولا يحتاجون لاستغلال نبوغهم إلا إلى قدر يسير من الدربة والتربية بالنسبة لغيرهم.

ونستنبط من مذهب أرسطو هذا أن الفرد بطبيعته مزود بقوى حسية وإدراكية محدودة، وأن التربية (العادة في نظره) هي التي تنمي هذه القوى وتعمل على أن تصل بها إلى مرحلة الكمال الممكن.

ولما كانت هذه القوى مختلفة عند الأفراد، وكان أثر التربية في كل فرد مختلفاً أيضاً كانت

<<  <  ج:
ص:  >  >>