للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

النتيجة أن الأفراد مختلفون في تصرفاتهم وسلوكهم وإنتاجهم. وهذا ما يسميه علماء النفس الحديثون بالفروق الفردية السيكلوجية

كان اسكوراطس الخطيب اليوناني القدير معنياً بتعليم الخطباء وتمرينهم وتنشئتهم. وقد أدرك هو أيضاً كمعلم الفروق السيكلوجية بين من قام بإعدادهم من الطلبة لمهنة الخطابة واللسن.

وهو يقول في هذا الصدد (لقد أشرفت على إعداد معلمي الخطابة ومعلمي الألعاب البدنية كما لاحظتهم أثناء قيامهم بالتدريس ووصلت إلى نتيجة اقتنعت بها. وهي أنهم في مكنتهم أن يتقدموا بتلاميذهم، وأن يرتقوا بهم إلى درجة يصيرون فيها أقدر على استعمال أجسامهم وعقولهم من ذي قبل. ومهما يكن من الأمر فإنه ليس في استطاعة معلمي الخطابة، ولا معلمي الألعاب البدنية أن يخلقوا خطباء من أي أفراد يشاءون. نعم إن مجهود هؤلاء المعلمين ينتج إلى حد ما نتيجة نسبية، ولكنه لا يمكن أن ينتج هذا المجهود أقصى ما يمكن إلا إذا صادف من التلاميذ من جمع بين فضيلتين: الذكاء وقبول التدريب)

وإذا نظرنا إلى الذكاء وجدنا أنه عامل وراثي، أما التدريب فهو عامل بيئي، وإذاً فقد قال أسكوراطس بأثر عاملي البيئة والوراثة معاً

هكذا كان مذهب أسكوراطس الأثيني في الوقت الذي كان فيه التفكير اليوناني ينظر إلى الفرد من جميع نواحيه السيكلوجية: الناحية الجسمية، والناحية العقلية، والناحية الخلقية، والناحية الذوقية، وكان مجموع هذه النواحي يُكوِّن عند الرأي اليوناني ما يسمى بالشخصية، وكلما وجد تناسق وتناسب وانسجام بين هذه النواحي وبين أطوار نموها كانت الشخصية أقرب إلى الكمال

وينحو علم النفس الحديث هذا المنحى الآثيني، مع اختلاف في طريقة البحث والقياس. فللأفراد شخصيات مختلفة، واختلاف الشخصيات هذا معناه الفروق الفردية السيكلوجية، والشخصية وفقاً لعلم النفس الحديث يمكن تحليلها إلى عناصر أربعة: العنصر العقلي والعنصر الخلقي والعنصر الذوقي والعنصر الجسمي.

(للبحث بقية)

عبد العزيز عبد المجيد

<<  <  ج:
ص:  >  >>