حياته. وبدل أن كانت علاقته قاصرة على أخوته وأخواته يبدأ يفكر في أصدقائه وصديقاته. ويعبر لورنس عن هذه السن بأنها ساعة دخول الغريب، وإنه من الأفضل أن نترك الغريب يدخل دون أن نحاول عرقلته أو الوقوف في سبيله. ويقصد لورنس من الغريب الحبيب أو الحبيبة. ويرى لورنس أن الوالدين في عصرنا هذا يبذلان قصارى جهدهما للوقوف في سبيل هذا الغريب وعرقلة مساعيه ظناً منهما أن في استطاعتهما احتكار حب الابن حتى لا يدعاه يفكر في أحد سواهما. فضلاً عن ذلك فإن حبهما الفياض لابنهما في تلك السن المبكرة يوقظ فيه غريزة كان يجب أن تكون نائمة في هذا الوقت ألا وهي الغريزة الجنسية، ويعتبر لورنس ذلك جريمة لا تغتفر يجنيها الوالدان على ابنهما. ثم يجيء دور البلوغ الذي يتطلب من الابن أن يكون حراً طليقاً يحب من يشاء ويصادق من يريد، فبدل أن يفعل ذلك يرى نفسه يرسف في أغلال حب ثقيل لا يستطيع منه فكاكاً، وبذلك يحرم من حبه للمرأة، ذلك الحب الذي لا تقوم للمجتمع قائمة بدونه
وكان الواجب على الوالدين أن يقطعا علاقتهما القديمة بولدهما بعد أن يصل إلى سن البلوغ كي يتركا له الفرصة لبدء علاقات جديدة غير علاقات الأبوة أو الأمومة. وليس هناك أخطر من أن يحاول الأب أو الأم أن ينصب من نفسه صديقاً لابنه.
والآن لندرس حالة البيئة الحديثة لنرى نتيجة إهمال الوالدين في تربية أبنائهما. فيرى لورنس أن المرأة في عصرنا هذا قد تبوأت مركزاً غير مركزها الذي خلقت من أجله فسيطرت على البيت بكل ما في هذه الكلمة من معنى. فهي التي تقود الرجل وترشده بعد أن كان راعيها وحاكمها، وهي لا تنظر إلى جنسها أي إلى العلاقة الجنسية سوى نظرتها إلى وسيلة للسيطرة على الرجل واستغلاله. وهي لا تعتبر الرجل سوى تابعاً لها أو خادمها المطيع، وتعتبره أحياناً مصدراً لإشباع عواطفها إذا ما عاودتها الرغبة في الرجوع إلى أنوثتها الأولى، وهذا عكس للأمور ووضعها في غير نصابها، وإن يكن له نتيجة فستكون هدم كيان المجتمع وتقويض بنائه. ثم زوال المدنية الحديثة واندثارها، تلك المدنية التي نفخر بها دواماً.
ويرى لورنس أن الواجب قطع تلك العلاقة القديمة بين الأم وابنها أو بين البنت وأبيها إذا ما وصلا إلى سن البلوغ. فقبيل هذه السن يجب أن نبعد الولد عن كل سيطرة نسوية،