ألا إن بسمارك كان أكثر تهذيباً وأنضج عقلاً، فقد كان يعرف من أين يبتدئ والى أين ينتهي.
عصبة الأمم ما لها وما عليها
(عن (فيتال سبيتسن))
اختلف الكثيرون في الرأي حول عصبة الأمم فمن قال، إنها أخفقت في تحقيق مهمتها، وقائل أنها نجحت في هذه المهمة، فأي الرأيين الصواب؟
إن أعمال عصبة الأمم في العشرين سنة التي انسلخت منذ ظهورها كثيرة الشعب متعددة الألوان. ويحسن بنا أن نشبهها بمجموعة من الخيطان بعضها أبيض اللون والبعض الآخر أسوده. فالألوان البيضاء تمثل الأعمال التي أدتها العصبة بنجاح في جنيف، والألوان السوداء وهي لاشك أقل عدداً من الأولى - تذكرنا بالأعمال التي أخفقت فيها.
فمن الواجب إذن أن نعترف بأن عصبة الأمم نجحت نجاحاً محققاً في كثير من الشؤون، ومن الواجب كذلك أن نصرح بأنها أخفقت في بعضها.
لقد نجحت عصبة الأمم في عقد اجتماعات دورية في جنيف يحضرها خمسون عضواً يمثلون خمسين حكومة من حكومات العالم. وقد بدأت أعمالها باثنين وأربعين عضواً ممثلين لحكوماتهم، ووصل هذا العدد إلى ستين في وقت من الأوقات. ويبلغ عدد الدول الممثلة في عصبة الأمم الآن خمسين دولة، وهذا العدد يدل على اتجاه الغالبية العظمى التي تؤيدها بين أمم العالم. إذ لا يزيد عدد الدول المعترف بها في العالم اليوم على خمس وستين.
وبعد سنتين من قيام عصبة الأمم أنشأت محكمة العدل الدولية في لاهاي وهذه المحكمة تفصل فيما يقع بين الأمم من المنازعات والخلافات القانونية. وهي مفتوحة الأبواب دائماً لكل دولة تريد الاحتكام إليها. وقد بلغ عدد القضايا التي فصلت فيها هذه المحكمة سبعين قضية.
أما فيما يتعلق بالقضايا الناشئة عن التغييرات الطارئة على مراكز بعض الدول وما يستدعيه ذلك من إعادة النظر في كثير من الحقوق التي تدعو إليها الضرورة فقد توسطت عصبة الأمم منذ سنة ١٩٢٠ في أربعين مسألة فصلت في ثلاثين منها فصلاً تاماً. وقد