الأكيدة في رفع شأن المسرح، ولن توجد إلا إذا عهد به إلى أهل المسرح وأبنائه، ووكل إليهم شأنه وترك لهم أمره.
من يحمي المسرح إذن؟
هم الفنانون المخلصون الذين لا يضعون في اعتبارهم أن الجمهور يريد أن يتسلى، والذين يفهمون أن رسالتهم البعيدة عن تسلية هذا الجمهور، وإنما هي قريبة إلى إفادته والى رفع مستواه والصعود به إلى القمة حيث تنفتح عيونه على أفانين من الجمال يراها في صور متعددة من صور الفنون الحقة تسمو به وبروحه وبكل جارحة فيه إلى حيث يكشف داخل نفسه وفي نفوس الآخرين تلك الإنسانية التي تميزه عن غيره من المخلوقات.
ذهبنا إلى الأستاذ توفيق الحكيم وفي خلدنا تدور هذه الآراء وغيرها، وفي عزمنا أن نسأله بياناً عن السياسة الجديدة للمسرح المصري بعد إذ أصبحت مقاليده عند وزارة الشؤون الاجتماعية التي ناطت به شؤون الدعاية فيها. على أننا ما كدنا نقول كلمة أو كلمتين حتى أفاض معنا في الحديث في سلاسة واتزان. قلنا: إن علة العلل هي (الرواية) فالفرقة القومية قوية بعناصرها غنية بمالها، وإن يكن من رأينا أن بعض العناصر مازالت خارجة عنها ويجب أن تضم إليها لتزداد قوة على قوة. وإنما ينقص الفرقة شيء واحد هو (الرواية) التي لم تحط بالعناية المنشودة فيما سلف من أيام.
فقال: سنكون من أول ما نعني به اختيار الرواية الصالحة، وقد أنشأت لذلك لجنة تنفيذية (مكونة من العشماوي بك وخليل مطران بك والأستاذ الحكيم)، وهذه اللجنة من شأنها أن تنظر في الرواية بلجنة القراءة لترى إن كانت تصلح للمسرح وتتفق ورسالته ثم تقدر قيمتها، ونحن نفكر في تكوين لجنة أولية من المخرجين والممثلين لتقرأ الرواية قبل تقديمها للجنة القراءة حتى لا تصل إلى أيدينا رواية تافهة، وحتى يكون للمخرج رأيه فيما يخرج، وللممثل رأيه فيما يمثل. على أننا سنضع نصب أعيننا أن تكون الروايات التي تخرجها الفرقة من الأدب الرفيع الذي يتفق ورسالتها، وقد كان من رأينا أنها يجب أن تخرج عن حدود هذه الرسالة حتى لو لم يقبل عليها الجمهور الإقبال المأمول. وأستطيع أن أؤكد لك أن الجهات المسؤولة تشجع الفرقة على ذلك ولا تطلب منها أكثر من السمو بالفن ولتكن النتائج ما تكون، وإن تكن رغبتنا أن يقبل الناس جميعاً على الفرقة وأن يشجعوها.