وبعد فهذا أول (مارش) في الاسلام، ولم يكن بالشعر ولكن صاحب الرسالة التي تحدت الشعر بالفواصل الكريمة: فواصل القرآن قد تحدت الأناشيد العسكرية بهذا النثر الموسيقي الذي فتحت به فارس وفتحت به مصر وفتحت به الشام وفتحت به أفريقيا وفتحت به الهند وفتحت به الأندلس وفتحت به بلاد البلقان وفتحت به بلاد النمسا الجنوبية وبولونيا. ثم ماذا؟ كان يفتح به سائر العالم لو فهم المسلمون فهماً مشفوعاً بالشعور العميق معنى!
ولكن هل في هذا النشيد الهادئ القوي الرصين ما في أناشيدنا من الألفاظ الجوفاء كالنار والفداء والدماء؟
لا. لأن الجيش المحارب لا يستطيع الانتصار إلا إذا شعر بأنه من أجل الحياة يدافع، ومن أجل الرفاهية يهاجم، وأنه في سبيل الخير يتحرك، وأن الغرائز التي تستحثه هي الغرائز السامية لا شهوة الدم والنار.