وقال لي قائل: إن الوزارة السابقة وقفت دون إخراج هذا المعهد من جانب القوة إلى جانب الفعل، وذلك دفعاً لفتنةٍ قد تقوم بين كليتين في هذا البلد. فانظر كيف تُفسد السياسة مسالك العلم.
إن معهداً للدراسات الإسلامية مما لا معدِل عنه لمصر. وقد فصلت ذلك في العدد الخاص لمجلة (المكشوف) البيروتية (١٠ يولية ١٩٣٩) فلا أحب أن أعود إلى ما جاء هنالك. غير أني أذكِّر بعضهم أنْ ليس في مصر - وهي مصر - مجلة محض علمية موقوفة على مسائل الإسلام وشؤون العرب، على حين أن في بيروت مجلة (المشرق) وفي دمشق (مجلة المجمع العلمي العربي). وأما أوربة وأمريكة فمجلات الاستشراق تزيد فيها على الثلاثين. وأغرب من هذا أن للفرنجة في مختلف البلدان الإسلامية مجلات رفيعة الشأن، وقد ذكرت بعضها في (المكشوف).
٣ - منذ تسعة أشهر أو نحو ذلك أُلِّفت في كلية الآداب لجنة لوضع المصطلحات الفلسفية باللغة العربية. وأعضاء هذه اللجنة طائفة من الأساتذة والمدرسين من مصريين وأجانب. واللجنة على قسمين: قسم للتحرير وآخر للعمل. وهذا القسم الثاني على شعب، وإحدى هذه الشعب إنما همها منصرف إلى تأليف معجم المنطق من طريق استخراج المصطلحات فالتنقيب عن أصلها اليوناني ثم الاهتداء إلى نظائرها في اللغات الإفرنجية الحديثة. ومما نوته هذه الشعبة طبع منطق كتاب الشفا لابن سينا طلباً للوصول إلى مصطلحاته وبذلها للمراجعين. هذا وأعمال سائر الشعب على ذلك النحو.
ولاشك أن مثل ذلك السعي محمود، فمن ورائه تُسد حاجات التعبير الفلسفي بقواعد صحيحة. ولاشك في أن جُل رجال تلك الشعب أهل اطلاع ومعرفة، وإن نُحِّيَ عنهم غيرهم من المشتغلين بمصطلح الفلسفة الإسلامية.
غير أن أعمال تلك اللجنة لا تزال حديثاً يُتناقل في أندية الثقافة العليا، وإن كان حديث صدق. مصداق ذلك أن شعبة معجم المنطق لم تقم في أثناء تلك المدة إلا بتصوير منطق كتاب الشفا وهو مخطوط. وهذا البطء في الإنجاز قد دعا بعض المستشرقين المتصلين باللجنة إلى أن يكتب إليها يستخبرها الخبر على ما انتهى إليَّ.
فعسى أن تمنع اللجنة الناس أن يقولوا إن مجمع فؤاد الأول للغة العربية أوفر نشاطاً من