(دقّه) بالقاف المشددة محرف أو مصحف وصوابه (دُفهُ) بالفاء الساكنة أمر من فعل داف يدوف. قال في (الأساس): (داف المسك بالعنبر خلطه به. وداف الزعفران أو الدواء خلطه بالماء ليبتل) ولا ريب في أن ماء التمر لا يتصور أن يدق به شيء من الأشياء وإنما يداف به ويخلط. وفعل (الدوف) استعمله المؤلف في غير ما موضع. ففي ص ١٣٢ س ٥ (ويُدافان بالطلاء الريحاني) وفي ص ١٣٥ س ١٠ (الزعفران والمسك المدافين بدهن البلسان).
ص ١٢٨ س ١٠ قوله:(وصعده على هبال الماء) ضمير (صعده) يرجع إلى المسك المدوف بماء الورد (التصعيد) كما في القاموس وشرحه الإذابة ومنه قيل خلَّ مصعَّد. ويقال شراب مصعَّد إذا عولج بالنار حتى يحوَّل عما هو عليه طعماً ولوناً اهـ. وهبال الماء بخاره الساخن الصاعد عنه وهو على النار. وهي كلمة عامية كانت شائعة على ما يظهر في عهد المؤلف كما لا تزال شائعة في بلادنا الشامية غير أنا نلفظها نحن الشوام (هبلة) لا (هبال) على أن (هبال) قد تكون جمعاً لهبلة فإن (فعلة) تجمع على (فعال) قياساً نحو قصعة وقصاع. واليسوعيون في معجمهم العربي الفرنسي فسروا الهبلة ? وضعوا أمامها العلامة التي تدل على أن الكلمة ليست فصيحة وإنما هي مستعملة في اللغة العامية. وأذكر أن بعض العارفين باللغات السامية عدَّ كلمة (الهبلة) في جملة الكلمات الباقية في العامية الشامية من اللغة السريانية. ولا يخفى أن مؤلف (نهاية الأرب) يتسامح في استعمال الكلمات الدخيلة الجارية في لهجة عوام زمانه: فهو يقول (شوابير) ويريد بها القطع أو الفتائل المجعولة على طول الشبر. ويقول (الريم) ويريد به الزبد أو الرغوة التي تعلو المائعات وهي تغلي على النار فتلتقط وترمى. والكلمتان عاميتان شائعتان في مصر والشام إلى زماننا هذا. فلا حاجة إذن إلى جعل (الهبال) الواردة في كلام المؤلف محرفة عن كلمة (الهباء) بالهمزة وهو ما ارتفع من الغبار وأن المراد بالهباء حينئذ البخار الساخن مجازاً.
ص ١٤٤ س ٢ قوله (ويغلى بزيت مغسول) لعل الأفصح في استعمال هذا الفعل هنا أن يقال (يُقلى) بالقاف لا (يُغلى) بالغين: فإن ما يطبخ بالزيوت والادهان من دون إضافة ماء يستعمل فيه فعل قلاه يقلوه وآلته (المقلاة). وإذا طبخ الطعام بالماء مع زيت أو دهن أو من دونهما ثم بقبق قيل إن الطعام يغلي غلياناً، وإن الطاهي أغلاه وطبخه لا قلاه وحمصه.