ثم ما رأيك إذا كان نشيد يا عزيز عيني هذا أبلغ في نغمته وفي معناه وفي روحه من نشيد شوقي ومن نشيد الجامعة ومن النشيد القومي ومن نشيد الرافعي
أتحسبني أتجني؟
لا والله، ولكن أرى أن هؤلاء الشعراء الاماجد لم يتصلوا بالطبقة التي تجند منها السلطات على اختلاف ألوانها وأزمانها ولم يتصلوا إلا بالطبقات التي تقيم حول حياتها سوراً من الأرستقراطية المترفعة. لم يتصلوا بالشعب فهم لا يعبرون عنه. لذلك يحفظ شعرهم أمثالهم من طلبة المعاهد العلمية ولكن لا يصلح شعرهم للسيرورة بين العامة. وإنما يراد بالأناشيد وبخاصة العسكرية منها ما يصلح للعامة
ولقد ظهر اليوم من يكتبون للعامة ولكنهم لم يتقربوا بعدُ إلى العامة بفهم أرواحهم وبالمشاركة في عواطفهم وبتفهم أحاسيسهم وإنما تقربوا بهجر اللغة العربية وبكتابة الأزجال
(يا قاعد في دارك ... والعالم في نار)
هذا كل مبلغ للتقرب للمجندين. والمجندون يفهمون اللغة العربية ولكنهم لا يفهمون التغالي في تصوير العواطف ولا يفهمون التكلف، ومن أجل ذلك سيضعون لأنفسهم ألحاناً جميلة مثل:
بلدي يا بلدي ... والسلطة خدت ولدي
ويتركون أناشيد الشعراء ما لم يدرس الشعراء أنفسهم وسائل الاتصال بالشعوب فيقولوا مثل نشيد:
صدق وعده
الحمد لله وحده ... ونصر عبده
وأعز جنده ... وهزم الأحزاب وحده
فإن أعجزهم مثل هذا وهو معجزهم بالطبع ففي رسائلي التالية نماذج لأناشيد أخرى عربية ومترجمة وجديدة مؤلفة.