وبهذه المناسبة يحضرني أمران عن ذلك المدرس الأجنبي الذي قال فيه الدكتور بشر أنه (يتلطف ليظفر بإدارة شؤون مكتبة الجامعة). الأمر الأول يتلخص في أن كلية الآداب كانت قد أخذت صورة فوتوغرافية للترجمة العربية من كتاب (الارغانون)(منطق أرسطو) وهو مخطوط في المكتبة الأهلية في باريس. فلاحظ بعضهم أن الهوامش غير واضحة في الصورة وكذلك كل ما هو مكتوب بالمداد الأحمر. فكلفت الكلية ذلك المدرس الأجنبي بان يراجع الهوامش ويتمها في باريس في صيف ١٩٣٨ وصرفت له أجراً كبيراً لذلك، والذي حدث أن هذا المدرس عاد من باريس بدون أن يقوم بما كلف به، والدليل على ذلك هو أن كتاب أرسطو كان طول مدة صيف ١٩٣٨ - أي أثناء وجود ذلك المدرس الأجنبي في باريس - بين يدي عالم مصري عاد من باريس في نهاية الصيف
أما الأمر الثاني فهو خاص بإعادة طبع كتاب (كليلة ودمنة)، وتفصيل ذلك أن مطبعة المعارف كانت قد عزمت على إعادة طبع هذا الكتاب ورأت أن تعهد بمراجعته إلى لجنة مكونة من بعض كبار رجال وزارة المعارف. فسألت في ذلك الدكتور بشر فارس فكان من رأيه أن تعهد بهذا العمل إلى رجال الجامعة لأنهم أدرى بفن مقابلة المخطوطات ومراجعة المصادر في السريانية والفارسية ثم اللغات الحديثة واقترح للعمل أسماء: الدكتور طه حسين لكتابة المقدمة والمراجعة الأخيرة للأصل العربي والأستاذ عبد الوهاب عزام للمخطوطات الفارسية، والدكتور مراد كامل للمخطوطات السريانية فضلاً عن استشارة المصادر الحديثة وبخاصة الألمانية. والذي حدث بعد ذلك أن المدرس الأجنبي حل محل الدكتور مراد كامل وأن كان الدكتور مراد كامل هو الذي يدرس اللغات السامية ومنها السريانية في كلية الآداب فهذان أمران يدلان على أن ذلك المدرس الأجنبي يحظى برعاية خاصة قد لا يحضي بها مدرس مصري
(جامعي)
يوميات نائب في الأرياف للأستاذ توفيق الحكيم
نقل هذا الكتاب إلى الفرنسية الأستاذان جاستون فيت وزكي محمد حسن، وقدم له صاحب السعادة الدكتور حافظ عفيفي باشا ونشرته (مجلة القاهرة) الفرنسية، وقد كتب عن الناقد