- إن لهم آيات. بل أن الذين أقل منهم آيات أيضاً. . . بل إن في كل الذين ترين وتسمعين من هذا الوجود آيات. . .
- ما هذا التناقض؟ تنكر عليهم الكرامات، وتشهد لهم بالآيات، بل تمضي فتشهد لمن هم دونهم بها. . . ثم تذوب آخر الأمر في هذا الوجود الذي لا يمكن أن نحصره فتقول إنه كله آيات في آيات، فما الذي تحب أن أفهمه من هذا كله؟
- إذا استطمت فافهميه كله، ولكي تفهميه كله اذكري الحديث الشريف من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فأن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وهذا أضعف الإيمان. واذكري إلى جانب هذا الحديث قصة الخضر وموسى، واذكري مع هذا وذاك أن القرآن يروي عن حوار دار بين الكفار وبين النبي (ص) طلب فيه الكفار منه آيات ومعجزات فأوحى إليه الحق الجبار أن يقول لهم إن الوجود ملؤه الآيات والمعجزات. وأعذريني إذا كنت لا أحفظ نصوص الآيات فقد استعصى عليَّ الحفظ بفضل الطرق التي كانوا يحفظوننا بها في المدارس. . .
- إني أذكر هذه الآيات ولكني مع هذا لا أستطيع أن أخلص من جمعها إلى الحديث الذي ذكرته، وإلى قصة الخضر بشيء مما تريدني أن أخلص به. . .
- هذه هي عادتك. . . فلو كان ما نناقشه حسبة فستان وروائح ومساحيق لخلصت منها كالجن بالذي تريدين. . . وأكثر! لا بأس فلنبدأ معاً. . . أنت تعلمين أن كل ما في هذا الوجود يتبع في حياته قانوناً خاصاً به. وأنه لو حاد عن هذا القانون أختل وأضطرب وفسد وقد يفقد الحياة. وأنت تعلمين إلى جانب هذا أن كل القوانين التي تخضع لها كل الخلائق لها هي أيضاً قانون تخضع له هو قانون التطور والارتقاء الناهض إلى الكمال والموصل إلى الله وأسمه الآخر، تباركت أسماءه. والخلائق متنوعة: منها ما يبدوا لنا بإدراك، ومنها ما لا يبدو له إدراك، ومن الخلائق التي لها إدراك الإنسان، وله إلى جانب الإدراك أو بهذا الإدراك إحساس وإرادة وعقل، ثم إن له آخر الأمر قدره على الإنتاج. وحياة الموجودات في مجموعها حين تنزع إلى الارتقاء والكمال لا تزحف بالتساوي ولا تتماسك في صف واحد، والذي صنع بها هذا هو تشابك القوانين المؤثرة فيها وتعقدها وتكاثر الظروف الفعالة