(هذه شعل من اللهب الأحمر، فيها وصف لرجعية المجتمع الشنيعة، وفيها نقد لنظم الحياة الوحشية، ثم فيها تصوير لآلام الجماهير التي تقاسي أهوال الاستبداد والظلم، وتهرق دماءها جزافاً إرواء الجشع الرأسمالية المكتم أن تغرق الإنسانية في طوفان من النار)
بهذه الكلمات قدم الأديب يوسف عيسى البندك كتابه (ساعات في الجحيم)، وأنها لكلمات تحمل في أطوائها الفكرة التي عالجها المؤلف الفاضل بشعور ملتهب، وعاطفة فياضة، وثورة عنيفة على النظم المرهقة التي يدعمها الاستعمار والرجعية والجمود والتعصب، ولقد حاول المؤلف أن يسوق أفكاره مساق القصة، وأن يمزج الحقيقة بالخيال حتى تكون قريبة سائغة، ولكنا لا نستطيع أن نقبل كتابه على أنه قصة لها خصائصها ومميزاتها، إذ تنقصه الحبكة الفنية، وقوة الحوار والسرد القصصي
وأسلوب المؤلف أسلوب ملتهب، أسلوب أديب تفيض نفسه بحب الطبيعة وحب الحرية، على أنه يتهاون كثيراً بحق اللغة، وهو حق تجب العناية به، فإن الفكرة لا يمكن أن يتميز بها الفنان إلا إذا أظهرها في لبوس فن له روعته وله تأثيره
البلبل
للأديب حسين عفيف
هذه قصة، أو كما يقول المؤلف (شبه قصة) في مقطوعات غرامية من صنيع الخيال. ومؤلف هذه القصة الأديب حسين عفيف كاتب له أسلوب شعري يفيض بالموسيقى والعاطفة، وله قراء يتلهفون عليه، ويطيرون به
وأسلوب المؤلف أسلوب يشيع فيه التقديم والتأخير، ويقول حضرته:(إنه يلتزم ذلك وفقاً لما تقتضيه رغبة إشاعة النغم فيه) والواقع أن للبلاغة العربية قواعد مقررة، وهذه القواعد تحتم على الكاتب مراعاة الدقة في الأداء، ولكن هذه الدقة لا اعتبار لها في تقدير المؤلف، فكثيراً ما يغرق في تقديمه وتأخيره حتى من غير أن يكون هناك نغم ينشده، بل كثيراً ما يخل بقواعد العربية في سبيل ذلك فيقدم الصفة على الموصوف!
إن الكاتب الأسلوبي يجب عليه أن لا يكتب للإفهام فحسب، بل للتأثير الذي هو غاية