وتستعمل لذلك آلة كهربائية خاصة يتصل بها مسجل الزمن ويجلس المختَبر أمام هذه الآلة، ويطلب إليه المختبِر أن يضغط على زر خاص في الآلة إذا رأى علامة خاصة كعلامة أو علامة مثلاً. ويثبت (مسجل الزمن) الفرق بين ظهور هذه العلامة وبين ضغط الزر، أي الزمن الذي استغرقه الفرد من حين رؤية العلامة إلى أن يحدث رد فعل منه (أو رجع) لهذه الرؤية بضغط الزر. ومثل هذه التجربة تجري في قياس زمن الرجع السمعي أو اللمسي، أي الذي تكون فيه العلامة شيئاً يسمع أو يلمس. وقد تكون التجربة أكثر تعقيداً فيطلب من المختبَر مثلاً أن يضغط الزر (١) إذا كانت العلامة المعروضة والزر (ب) إذا كانت العلامة وبذلك يكون على المختبَر أن يميز أولاً العلامة وأن يختار ثانياً الزر المناسب لها.
وبالرغم من شيوع تجارب زمن الرجع وتنوعها وتسجيل نتائجها لم يوجد بينها وبين الذكاء من التلازم الأطرادي إلا القليل بمعنى أنه لا يلزم أن يكون الذكاء أكثر كلما كان زمن الرجع أقصر. والواقع أننا لا نجد الآن بين مقاييس الذكاء الحالية مقاييس زمن الرجع التي استخدمها كاتل.
ويعود كاتل فيعترف بأن مقاييس زمن الرجع، ومقاييس الإدراك الحسي وغيره من الخواص الفردية ما قصد بها في الأصل قياس فروق الذكاء بين الأفراد، وإنما استخدمها لأنها ضمن موضوع علم (طبائع البشر) الذي كان معنياً بدراسته.
وعلى أية حال فقد كان لبحوث كاتل في الفروق الفردية أثر واضح في اتجاه التفكير العلمي. ففي سنة ١٨٩٥ عينت (الجمعية السيكلوجية الأمريكية) لجنة لتعمل على إيجاد الصلات والتعاون بين معامل علم النفس الأمريكية لكي تجمع المعلومات الممكنة عن الصفات العقلية والجسمية المختلفة للأفراد، وتدرسها درساً علمياً إحصائياً. وكان كاتل عضواً في هذه اللجنة. وكذلك عنيت معاهد التعليم بمعرفة الفرق السيكلوجية بين الطلبة وقياسها ففي سنة ١٨٩٩ أجرت جامعة شيكاغو تجارب لقياس ذكاء طلبتها وميولهم الخلقية لم تكن دراسة الفروق السيكلوجية بين الأفراد - بطبيعة الحال - قاصرة على إنجلترا وأمريكا، فإنا نجد في فرنسا عدة محاولات لمعرفة أثر كل من البيئة والوراثة في الفرد، كتلك المحاولات التي قام بها جولتن في إنجلترا، فقد ظهر عدد من الكتب حول هذا