وبالمقارنة بين مذهب كاتل ومذهب جولتن وبيرسن نجد أن الأول يرى أن الظروف والبيئة لهما أهمية كبرى في الإنتاج العلمي وأن عامل الوراثة فقط لا يكفي لتعليل النبوغ العلمي. نعم يعترف كاتل بالوراثة وأنها البذرة الأولى التي تحمل معها خواص الفرد، ولكنه يؤكد أن الفروق الفردية التي تظهر في الإنتاج والابتكار والخلق إنما هي من صنع البيئة
وفي سنة ١٩١٥ نشر كاتل بحثاً جديداً عنوانه:(أسرات العلماء الأمريكيين)، وأستخلص في بحثه هذا أن ٤٣ ? من آباء هؤلاء العلماء كانوا من الموظفين وذوي الحرف غير اليدوية وأن ٣٥. ٧ ? من التجار والصناع، وأن ٢١. ٢ من الزراع. ويعلق كاتل على هذا الإحصاء فيقول: لو أن ظروف الحياة الاجتماعية، والفرص التربوية خاصة، كانت متشابهة بين هذه الطبقات الثلاث لكان توزيع النسبة المئوية لرجال العلم متعادلاً، ولما وجد ذلك الفرق بين رجال طبقة وأخرى. ولا يمكن أن تكون الوراثة هي التي أوجدت هذا التوزيع، لأن معظم سكان القارة الأمريكية منذ كانوا منذ قرنين من مستوى واحد تقريباً جسمياً وعقلياً. ويؤيد رأي كاتل هذا إحصاء آخر عمل سنة ١٩٣٢ ظهر فيه أن أقل الولايات علماء أكثرها تأخراً في التعليم.
وقد اقتفى أثر كاتل غيره من علماء النفس، فاستخدموا مقاييسه وأخرى شبيهة بها في معرفة الفروق السيكلوجية للأفراد ومعظمها لقياس الإدراك وسرعة الحركة والقدرة على تكييفها ومن هؤلاء العلماء جاسترو الذي انتهز فرصة معرض شيكاغو العالمي الذي أقيم سنة ١٨٩٣ فأستأجر (كشكا) وجلس فيه يجري بعض الاختبارات على من يقدم إليه نفسه من زوار المعرض. وكذلك أجرى جلبرت بعض الاختبارات على بعض تلاميذ المدارس وطلبة الجامعات. فقاس الطول والوزن والقوة الرئوية ودقة الإحساس وزمن الرجع والذاكرة والتأثر بالإيحاء؛ وقارن نتيجة هذا كله بآراء المدرسين. ونشر في ذلك بحثين الأول سنة ١٨٩٤ بعنوان (بحوث في النمو العقلي والجسمي لأطفال المدارس) والثاني سنة ١٨٩٧ بعنوان: (بحوث سيكلوجية في أطفال المدارس وطلبة الجامعات)