- شكراً. سأعلقها على باب البيت تعويذة وحجاباً دون إبليس. . .
- بل أعيديها فقد وجدت الرد. . . هات. . . إن هتلر أيضاً ممثل
- رحت في داهية! هل أنت ممن يؤمنون بهذا الذي يدعيه من أنه فنان؟!
- ليس هذا قصدي، وإنما الذي أقصد إليه هو أن الناس جميعاً يمثلون
- آه. هذه فكرة أخرى. ولكن ألا ترين أن فكرتك هذه لو كانت صحيحة لما ارتفع سعر التمثيل
في الدنيا، ولما كان أجر الممثل المجيد آلاف الريالات ومئات الجنيهات في الدور الذي لا يستغرق منه إلا الساعات القليلة. . .
- الحق معك
- إذن فرأيك غير صحيح. . .
- لماذا؟ أفلا يستطيع الحق أن يكون معك وأن يكون معي في الوقت نفسه؟
- يستطيع. قادر على كل شيء. . .
- ولا قادر غيره. . . والتوفيق بين الذي تقولين وبين الذي أقول يسير. فأما أن كل الناس ممثلون فهذا حق. وأما أن أندر الناس هم الذين يستطيعون أن يمثلوا فهذا حق أيضاً، فالناس كالأواني: كل آنية تصلح لأن تعبأ بما يملؤها، فإذا امتلأت لم تعد تصلح لأن تمتلئ مرة أخرى، إلا إذا فرغت. ومن الناس من يملك نفسه يملؤها ويفرغها وهؤلاء هم الممثلون المجيدون، ومنهم من امتلأت نفسه مرة فاكتظت وجمد حشوها فيها فلم يعد ميسوراً أن تفرغ وأن تملأ. ومن هؤلاء محمد عبد الوهاب فهو يمثل على نفسه وعلى الناس دور الأستاذ الموسيقار مطرب الملوك والأمراء والعظماء وقد (عقد) هذا الدور في نفسه فكلما مثل دوراً ظهر فيه بمظهر الأستاذ الموسيقار مطرب الملوك والأمراء والعظماء مهما تطلب منه هذا الدور الجديد شيئاً من البؤس، أو شيئاً من الخيبة، أو شيئاً من اليأس. زيدي على ذلك أن الصورة التي رسمها عبد الوهاب لنفسه في خياله صورة متكلفة ليس فيها من الحقيقة شيء، فقد عرف الناس هنا في مصر مطرباً كان الملوك والأمراء والعظماء يطلبونه حقاً ويسعون إليه ويكرمونه كل التكريم ولم يكن فيه شيء من هذه الأرستقراطية